وأبو علي بن الجنيد يصرح بالخلاف فيها، ويذهب إلى أنه لا يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في شئ من الحقوق ولا الحدود (١)؟
قلنا: لا خلاف بين الإمامية في هذه المسألة، وقد تقدم إجماعهم ابن الجنيد وتأخر عنه، وإنما عول ابن الجنيد فيها على ضرب من الرأي والاجتهاد وخطؤه ظاهر.
وكيف يخفى إطباق الإمامية على وجوب الحكم بالعلم وهم ينكرون توقف أبي بكر عن الحكم لفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليهما) بفدك لما ادعت أنه نحلها إياها؟ ويقولون: إذا كان عالما بعصمتها وطهارتها وأنها لا تدعي إلا حقا فلا وجه لمطالبتها بإقامة البينة لأن البينة لا وجه لها مع القطع بالصدق، وكيف خفى على ابن الجنيد هذا الذي لا يخفى على أحد؟
أوليس قد روت الشيعة الإمامية كلها ما هو موجود في كتبها ومشهور في رواياتها أن النبي (صلى الله عليه وآله) ادعى عليه أعرابي سبعين درهما عن ناقة باعها منه، فقال (عليه السلام): قد أوفيتك، فقال الأعرابي: اجعل بيني وبينك رجلا حكما يحكم بيننا، فأقبل رجل من قريش فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أحكم بيننا، فقال للأعرابي: ما تدعي على رسول الله؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه، فقال: ما تقول يا رسول الله؟ قال: قد أوفيته ثمنها، فقال للأعرابي: ما تقول؟ قال لم يوفني فقال لرسول الله: (صلى الله عليه وآله): ألك بينة على أنك قد أوفيته؟ قال: لا، فقال للأعرابي: أتحلف أنك لم تستوف حقك وتأخذه؟ فقال: نعم.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لأحاكمن هذا الرجل إلى رجل