هذا القول ذو القرابات كلهم، وقوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) (١) يدل أيضا على هذه المسألة.
فأما اعتماد المخالفين على الأخبار التي يروونها في هذا الباب، كخبر يروى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
لا تجوز شهادة الوالد لولده ولا الولد لوالده (٢)، فمما لا يصح الاعتماد عليه لأن كل هذه الأخبار إذا سلمت من القدح كانت آحادا توجب الظن ولا تنتهي إلى العلم، ولا يجوز أن نرجع إلى ما يوجب الظن ولا ينتهي إلى العلم عن ظواهر الكتاب الموجبة للعلم.
على أن الساجي قد قال في هذا الخبر: إن هذه رواية غير ثابتة عند أهل النقل (٣)، وراوي هذا الخبر عن الزهري يزيد بن أبي زياد، وحكى الساجي أن شعبة قال: إن يزيد كان رفاعا (٤)، أي يرفع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ما لا أصل له، وضعف هذا الحديث من وجوه معروفة وقدح في رواية.
وأما اعتماده في المنع من شهادة الأقارب على التهمة التي تلحق لأجل النسب فغير صحيح لأنه يلزم على ذلك أن لا تقبل شهادة الصديق لصديقه ولا الجار لجاره لأن التهمة متطرقة. وأيضا فإن العدالة مانعة من التهمة وحاجزة عنها.
وحكي عن الشافعي في المنع من شهادة الوالد لولده والولد لوالده أنه قال:
الولد جزء من أبيه فكأنه يشهد لنفسه إذا شهد لما هو بعضه (٥).