شبرمة (١).
وقال أبو يوسف وابن أبي ليلى والشافعي ما علمه قبل العمى جاز شهادته، به وما علمه في حال العمى لم يجز أن يشهد به (٢).
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه زائدا على إجماع الطائفة ظواهر الكتاب التي تلوناها واستدللنا بها على جواز شهادة العبيد وغيرهم، لأن الأعمى داخل في هذه الظواهر ولا يمنع عماه من كونها متناولة له.
ومعول من خالفنا في هذه المسألة على أن الأعمى تشتبه عليه الأصوات فلا يحصل له العلم اليقين ولأنهم يظنون أن الإدراك بالسمع لا يحصل عنده من العلم الضروري ما يحصل عند الإدراك بالبصر.
وهذا غلط فاحش، لأن اشتباه الأصوات كاشتباه الصور والأشخاص، فلو منع الاشتباه في الأصوات من العلم الضروري لمنع في إدراك البصر، والإدراك بالسمع كالإدراك بالبصر لأنهما طريقان إلى العلم الضروري للعاقل مع زوال اللبس، وقد يتعذر زوال اللبس بالسمع كما يتعذر ذلك بالإدراك بالبصر، ألا ترى أن الضرير يعرف زوجته ووالديه وأولاده ضرورة وإن كان طريق معرفته إدراك السمع، ولا يدخل عليه شك في ذلك كله، ولو كان لا سبيل له إلى ذلك لم يحل له وطء امرأته لتجويزه أن تكون غير من عقد عليها.