وخالف باقي الفقهاء في ذلك (١)، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى جواز لبس الحرير إذا كان سداه أو اللحمة من القطن أو الكتان ولم يجزه إذا كانت اللحمة أكثر. (٢) وحكى الطحاوي عن الشافعي أنه أباح لبس قباء محشو بقز، قال لأن القز باطن (٣).
والذي يدل على صحة مذهبنا بعد الإجماع المتردد أن النبي (صلى الله عليه وآله) إنما نهى عن لبس الحرير (٤)، وهذا الاسم إنما يتناول ما كان محضا دون ما اختلط بغيره، والثوب الذي فيه قطن أو كتان ليس بحرير محض، فجاز لبسه والصلاة فيه.
وإذا ذهبوا إلى أن الثوب الذي لحمته قطن وسداه حرير يجوز لبسه لأنه ليس بحرير محض، فكذلك ما كان بعضه قطنا وإن لم يكن جميع اللحمة.
فإن قيل: هذا يقتضي أنه لو كان في الثوب خيط واحد من قطن أو كتان جاز لبسه.
قلنا: ظاهر النهي عن لبس الحرير المحض يقتضي ذلك إلا أن يمنع منه مانع غيره، والأولى أن يكون الخيط أو الخيطان غير معتد بهما ولا أثر لمثلهما، فأما إذا كان معتدا بمثله مثل أن يكون له نسبة إلى الثوب كخمس أو سدس أو عشر فإنه يخرجه من أن يكون محضا.
والعجب كله من قول الشافعي: في حشو القباء الحرير المحض الذي يتناوله بلا شبهة نهي النبي صلى الله عليه وآله، وأي تأثير لكون الحشو باطنا غير