الإبل في حال الضرورة على سبيل التداوي كما تحل الميتة مع الضرورة.
قلنا: لو كان في حال المرض يبيح الأبوال لأباحها في أوقاتنا هذه وأبو حنيفة (١) يمنع من ذلك وإنما يجيزه أبو يوسف والشافعي (٢) وإذا بطل اعتراض أبي حنيفة فالذي يبطل اعتراض أبي يوسف والشافعي وجهان:
أحدهما أن النبي (صلى الله عليه وآله) لو كان أباح ذلك لضرورة لوقف عليه وبين اختصاصه بالضرورة.
والوجه الثاني ما روي عنه (عليه السلام) من قوله: إن الله عز وجل لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم (٣). ولهذا الذي ذكرناه تأول قوم قوله تعالى:
(فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) (٤)، على أن المنافع هاهنا هي المكاسب (٥).
فإن قالوا: ما أبيح في حال الاضطرار لم يتناوله هذا الخبر الذي رويتموه، لأنه إنما يقتضي نفي الشفاء عما تحريمه ثابت، وما تدعو إليه الضرورة لا يكون حراما بل مباحا.
قلنا: الظاهر يقتضي نفي الشفاء عما حرم في سائر الأوقات، وتخفيف التحريم في حالة دون أخرى عدول عن الظاهر.
فإن قيل: معنى الخبر أن شفاؤكم ليس بمقصور على المحرمات بل في المباحات لكم مندوحة.
قلنا: هذا أيضا تخصيص للخبر وعدول عن ظاهره.
فإن احتج علينا مخالفونا في نجاسة البول بما يروونه عن النبي (صلى الله