وقد أثر عنه أنه أول من فتح أبواب التدقيق والتحقيق، واستعمل في الأدلة النظر الدقيق، وأوضح طريقة الإجماع واحتج بها في أكثر المسائل (١).
وقد كان في جميع كتبه ورسائله أصوليا بحتا ومجتهدا صرفا، قليل التعلق بالأخبار، كثير الاستدلال بالأدلة العقلية المتفقة مع الكتاب والسنة، فلا غرو أن يكون من مجتهدي الفقهاء وفقهاء المجتهدين (٢).
أما مسلكه في تعليل الأخبار وتأويلها فيقول:
إعلم: أن المعول فيما يعتقد، على ما تدل الأدلة عليه، من نفي وإثبات، فإذا دلت الأدلة على أمر من الأمور وجب أن نبني كل وارد من الأخبار إذا كان ظاهره بخلافه عليه ونسوقه إليه، ونطابق بينه وبينه، ونجلي ظاهرا إن كان له، ونشرط إن كان مطلقا، ونخصه إن كان عاما، ونفصله إن كان مجملا ونوفق بينه وبين الأدلة من كل طريق اقتضى الموافقة وآل إلى المطابقة.
فإذا كنا نفعل ذلك ولا نحتشمه في ظواهر القرآن المقطوع على صحته، المعلوم وروده، فكيف نتوقف عن ذلك في أخبار آحاد لا توجب علما ولا تثمر يقينا؟!
فمتى وردت عليك أخبار فاعرضها على هذه الجملة وابنها عليها، وافعل فيها ما حكمت به الأدلة وأوجبته الحجج العقلية، وإن تعذر فيها بناء وتأويل وتخريج وتنزيل، فليس غير الاطراح لها وترك التعريج عليها (٣).
ثم هو يفسر الأحاديث وما جاء من الأحكام فيما يتعلق بالمحللات والمحرمات تفسيرا يتفق مع المنطق السليم والعقل القويم، ذاكرا بأن لكل محرم علة ولكل محظور سببا،