ضاربا ما يقوله الغالية في تعليل بعض الأخبار عرض الجدار، انظر إلى قوله:
فأما تحريم السمك الجري وما أشبهه فغير ممتنع، لشئ يتعلق بالمفسدة في تناوله كما نقول في سائر المحرمات، فأما القول بأن الجري نطق بأنه مسخ بجحده الولاية (١)، فهو مما يضحك منه ويتعجب من قائله والملتفت إلى مثله (٢).
براعته في المناظرة وعلم الكلام:
كان الشريف المرتضى - رضي الله عنه - خليفة أستاذه العلامة الشيخ المفيد في علم الكلام وفن المناظرة، وكان مجلسه كمجلس شيخه المفيد يحضره أقطاب العلماء من كافة المذاهب، بل وسائر الملل، وقد مر عليك دراسة اليهودي عليه وكثرة اختلاف الصابي وتردده إليه وما قاله ابن الجوزي في أول الترجمة بأن المرتضى كان يناظر عنده في كل المذاهب، وهذا يدل على فضل اطلاعه على فوارق المذاهب ومواد الخلاف فيما بينهم. وهو مع ذلك كان محترما لدى جميعهم. معظما عندهم، إلا عند حساده ومناوئيه. " فقد ذكر عن الشيخ أبي جعفر محمد بن يحيى بن مبارك بن مقبل (كذا ولعله معقل) الغساني الحمصي أنه قال: ما رأيت رجلا من العامة إلا وهو يثني عليه، وما رأيت من يبخسه حقه، وما رأيت إلا من يزعم أنه من طائفته " (٣).
وقال عن الصفدي في الوافي بالوفيات: إنه كان فاضلا ماهرا، أديبا متكلما، له مصنفات على مذهب الشيعة، قال الخطيب (يعني البغدادي): كتبت عنه وكان رأسا في الاعتزال، كثير الاطلاع والجدال (٤).
وقال الثعالبي صاحب يتيمة الدهر: وقد انتهت الرياسة اليوم ببغداد إلى المرتضى في المجد والشرف والعلم والأدب، والفضل والكرم... (٥).