إن تضح داري في عمان نائية | يوما علي فبالخلصاء لي دار لو لم يكن لي جار من نزارهم |
وهو مع زهده الشديد في الدنيا وتقشفه فيها، كان ذا مقام سياسي في الدولة خطير يفوق مقام أخيه الرضي بكثير، وذلك بفضل ما أوتي من أصالة الرأي ووفارة العلم والمال، مع عز العشيرة وكثرة الرجال وهذا ما سنتعرض لذكره بعد حين عند القول على منزلته الاجتماعية والسياسية في هذه المقدمة.
شغفه بالعلم، مدرسته العلمية، خزانة كتبه:
كان الشريف - رحمه الله - مشغوفا بالعلم منصرفا إليه بين دراسة وتدريس، محبا لتلامذته وملازميه، حتى أنه كان يجري عليهم الجرايات الشهرية، وقد مر عليك ذكر ذلك.
وقد اتخذ من داره الواسعة مدرسة عظيمة تضم بين جدرانها ثلة من طلاب الفقه والكلام والتفسير واللغة والشعر والعلوم الأخرى كعلم الفلك والحساب وغيره حتى سميت أو سماها دار العلم وأعد له مجلسا للمناظرات فيها.
غير أن الذي هو جدير بالملاحظة والاعتبار، أن مجلس الشريف أو مدرسته العلمية - بتعبير أصح - كانت جامعة إنسانية تلم شتات كثير من طلاب العلم ومريديه من مختلف المذاهب والنحل، دون تفرقة بين ملة وملة أو مذهب ومذهب.
وقد مرت عليك قصة اليهودي الذي درس عليه علم النجوم - أعني الفلك - كما لم تخف عليك أيضا اتصالاته الوثيقة بأبي إسحاق الصابي الكاتب المشهور *، وللمرتضى في رثائه قصيدة رائعة تعد من غرر قصائده ومطلعها: