فاحترام وزير شخصا يرى ذلك الشخص نفسه أعظم من الوزير وأرفع، وأجل وأمنع، ليس من الأمور الغريبة أو النوادر العجيبة!
بينما نجد المرتضى - صاحب الديوان - منصرفا إلى العلم مشغولا بالدرس، عازفا عن بهرجة السلطة ومقامات السياسة - وإن كان ذا مكانة خطيرة فيها - زاهدا في المناصب أو الرئاسة، وأكثر الناس - ولا يخفى ذلك - في كل عصر ولا سيما منهم خدمة الدولة وأرباب السلطة يزهدون في الزاهدين، ويخشون سطوة الأشداء المجترئين.
أما مسألة العلم، وتوقير العلماء فهي مسطورة في السطور، أو مكونة في الصدور.
ميله إلى الزهد في الدنيا، وتهذيب النفس فيها:
كان الشريف - رحمه الله - ميالا إلى الزهد في الدنيا راغبا عنها، ذاما لها، داعيا إلى الاعتبار فيها، سالكا سبيل أجداده الكرام، من جعلها مجازا للآخرة ومزادا لدار القرار لذا نجد ديوانه يفيض بالقصائد في ذم الدنيا والحث على الزهد فيها والاعتبار بتقلب أحوالها، وفناء نعيمها، ثم هو يصف مقابرها، ويرثي مقبوريها، ويدعو كذلك إلى تكميل النفس وتهذيبها، وغرس مواد العزة فيها بنبذ الحرص، وترك الطمع، والتحلي بجمال العلم وخصال الخير، فمن ذلك قوله في ذم الدنيا والحث على الزهد فيها:
أفي كل يوم لي مني أستجدها | وأسباب دنيا بالغرور أودها ونفس تنزى ليتها في جوانح | |
منها: وحب بني الدنيا الحياة مسيئة | بهم ثلمة في النفس أعوز سدها منها: سقى الله قلبا لم يبت في ضلوعه |