فانطلقنا على ساحل البحر (قوله فإذا حوت مثل الظرب) أما الحوت فهو اسم جنس لجميع السمك وقيل هو مخصوص بما عظم منها والظرب بفتح المعجمة المشالة ووقع في بعض النسخ بالمعجمة الساقطة حكاها ابن التين والأول أصوب وبكسر الراء بعدها موحدة الجبل الصغير وقال القزاز هو بسكون الراء إذا كان منبسطا ليس بالعالي وفي رواية أبي الزبير فوقع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هو دابة تدعي العنبر وفي الرواية الثانية فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر وفي رواية الخولاني فهبطنا بساحل البحر فإذا نحن بأعظم حوت قال أهل اللغة العنبر سمكة بحرية كبيرة يتخذ من جلدها الترسة ويقال إن العنبر المشموم وجميع هذه الدابة وقال ابن سيناء بل المشموم يخرج من البحر وإنما يؤخذ من أجواف السمك الذي يبتلعه ونقل الماوردي عن الشافعي قال سمعت من يقول رأيت العنبر نابتا في البحر ملتويا مثل عنق الشاة وفي البحر دابة تأكله وهو سم لها فيقتلها فيقذفها فيخرج العنبر من بطنها وقال الأزهري العنبر سمكة تكون بالبحر الأعظم يبلغ طولها خمسين ذراعا يقال لها بالة وليست بعربية قال الفرزدق فبتنا كأن العنبر الورد بيننا * وبالة بحر فاؤها قد تخرما أي قد تشقق ووقع في رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار في أواخر الباب فألقى لنا البحر حوتا ميتة واستدل به على جواز أكل ميتة السمك وسيأتي البحث فيه في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى (قوله فأكل منه القوم ثمان عشرة ليلة) في رواية عمرو بن دينار فأكلنا منه نصف شهر وفي رواية أبي الزبير فأقمنا عليها شهرا ويجمع بين هذا الاختلاف بأن الذي قال ثمان عشرة ضبط ما لم يضبطه غيره وأن من قال نصف شهر ألغى الكسر الزائد وهو ثلاثة أيام ومن قال شهرا جبر الكسر أو ضم بقية المدة التي كانت قبل وجدانهم الحوت إليها ورجح النووي رواية أبي الزبير لما فيها من الزيادة وقال ابن التين إحدى الروايتين وهم انتهى ووقع في رواية الحاكم اثنى عشر يوما وهي شاذة وأشد منها شذوذا رواية الخولاني فأقمنا قبلها ثلاثا ولعل الجمع الذي ذكرته أولى والله أعلم (قوله في الرواية الثانية حتى ثابت) بمثلثة أي رجعت وفيه إشارة إلى أنهم أصابهم هزال من الجوع السابق (قوله وادهنا من ودكه) بفتح الواو والمهملة أي شحمه وفي رواية أبي الزبير فلقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ونقطع منه الفدر كالثور والوقب بفتح الواو وسكون القاف بعدها موحدة هي النقرة التي تكون فيها الحدقة والفدر بكسر الفاء وفتح الدال جمع فدرة بفتح ثم سكون وهي القطعة من اللحم ومن غيره وفي رواية الخولاني فحملنا ما شئنا من قديد وودك في الأسقية والغرائر (قوله ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا) كذا فيه واستشكل لان الضلع مؤنثة ويجاب بأن تأنيثه غير حقيقي فيجوز فيه التذكير (قوله ثم أمر براحلة فرحلت ثم مرت تحتهما فلم تصبهما) وفي الرواية الثانية فعمد إلى أطول رجل معه فمر تحته وفي حديث عبادة بن الصامت عند ابن إسحاق ثم أمر بأجسم بعير معنا فحمل عليه أجسم رجل منا فخرج من تحتهما وما مست رأسه وهذا الرجل لم أقف على اسمه وأظنه قيس بن سعد بن عبادة فإن له ذكرا في هذه الغزوة كما ستراه بعد وكان مشهورا بالطول وقصته في ذلك معاوية لما أرسل إليه ملك الروم بالسراويل معروفة فذكرها المعافى الحريري في الجليس وأبو الفرج الأصبهاني وغيرهما ومحصلها أن أطول رجل من الروم نزع له قيس بن سعد سراويله فكان
(٦٣)