لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة وكان صنما تعبده دوس في الجاهلية والذي يظهر لي أنه غير المراد في حديث الباب وأن كان السهيلي يشير إلى اتحادهما لان دوسا قبيلة أبي هريرة وهم ينتسبون إلى دوس بن عدثان بضم المهملة وبعد الدال الساكنة مثلثة ابن عبد الله بن زهران ينتهي نسبهم إلى الأزد فبينهم وبين خثعم تباين في النسب والبلد وذكر ابن دحية أن ذا الخلصة المراد في حديث أبي هريرة كان عمرو بن لحي قد نصبه أسفل مكة وكانوا يلبسونه القلائد ويجعلون عليه بيض النعام ويذبحون عنده وأما الذي لخثعم فكانوا قد بنوا بيتا يضاهون به الكعبة فظهر الافتراق وقوى التعدد والله أعلم (قوله والكعبة اليمانية والكعبة الشامية) كذا فيه قيل وهو غلط والصواب اليمانية فقط فقسموها بذلك مضاهاة للكعبة والكعبة البيت الحرام بالنسبة لمن يكون جهة اليمن شامية فسموا التي بمكة شامية والتي عندهم يمانية تفريقا بينهما والذي يظهر لي أن الذي في الرواية صواب وأنها كان يقال لها اليمانية باعتبار كونها باليمن والشامية باعتبار أنهم جعلوا بابها مقابل الشام وقد حكى عياض أن في بعض الروايات والكعبة اليمانية الكعبة الشامية بغير واو قال وفيه إيهام قال والمعنى كان يقال لها تارة هكذا وتارة هكذا وهذا يقوى ما قلته فإن إرادة ذلك مع ثبوت الواو أولى وقال غيره قوله والكعبة الشامية مبتدأ محذوف الخبر تقديره هي التي بمكة وقيل الكعبة مبتدأ والشامية خبره والجملة حال والمعنى والكعبة هي الشامية لاغير وحكى السهيلي عن بعض النحويين أن له زائدة وأن الصواب كان يقال الكعبة الشامية أي لهذا البيت الجديد والكعبة اليمانية أي للبيت العتيق أو بالعكس قال السهيلي وليست فيه زيادة وإنما اللام بمعنى من أجل أي كان يقال من أجله الكعبة الشامية والكعبة اليمانية أي إحدى الصفتين للعتيق والاخرى للجديد (قوله الا تريحني) هو بتخفيف اللام طلب يتضمن الامر وخص جريرا بذلك لأنها كانت في بلاد قومه وكان هو من اشرافهم والمراد بالراحة راحة القلب وما كان شئ أتعب لقلب النبي صلى الله عليه وسلم من بقاء ما يشرك به من دون الله تعالى وروى الحاكم في الإكليل من حديث البراء بن عازب قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مائة رجل من بني بجيلة وبني قشير جرير بن عبد الله فسأله عن بني خثعم فأخبره أنهم أبوا أن يجيبوا إلى الاسلام فاستعمله على عامة من كان معه وندب معه ثلثمائة من الأنصار وأمره أن يسير إلى خثعم فيدعوهم ثلاثة أيام فإن أجابوا إلى الاسلام قبل منهم وهدم صنمهم ذا الخلصة وإلا وضع فيهم السيف (قوله فنفرت) أي خرجت مسرعا (قوله في مائة وخمسين راكبا) زاد في الرواية التي بعدها وكانوا أصحاب خيل أي يثبتون عليها لقوله بعده وكنت لا أثبت على الخيل ووقع في رواية ضعيفة في الطبراني أنهم كانوا سبعمائة فلعلها إن كانت محفوظة يكون الزائد رجاله وأتباعا ثم وجدت في كتاب الصحابة لابن السكن أنهم كانوا أكثر من ذلك فذكر عن قيس بن غربة الأحمسي أنه وفد في خمسمائة قال وقدم جرير في قومه وقدم الحجاج بن ذي الأعين في مائتين قال وضم إلينا ثلثمائة من الأنصار وغيرهم فغزونا بني خثعم فكأن المائة والخمسين هم قوم جرير وتكملة المائتين أتباعهم وكان الرواية التي فيها سبعمائة من كان من رهط جرير وقيس بن غربة لان الخمسين كانوا من قبيلة واحدة وغربة بفتح المعجمة والراء المهملة بعدها موحدة ضبطه الأكثر (قوله فكسرناه) أي البيت وسيأتي البحث
(٥٦)