(قوله عن أبي بردة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى) هذا صورته مرسل وقد عقبة المصنف بطريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى وهو ظاهر الاتصال وإن كان فيما يتعلق بالسؤال عن الأشربة لكن الغرض منه إثبات قصة بعث أبي موسى إلى اليمن وهو مقصود الباب ثم قواه بطريق طارق بن شهاب قال حدثني أبو موسى قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض قومي الحديث وهو وإن كان إنما يتعلق بمسألة الاهلال لكنه يثبت أصل قصة البعث المقصودة هنا أيضا ثم قوى قصة معاذ بحديث ابن عباس في وصية النبي صلى الله عليه وسلم له حين أرسله إلى اليمن وبرواية عمرو بن ميمون عن معاذ والمراد بها أيضا إثبات أصل قصة بعث معاذ إلى اليمن وأن كان سياق الحديث في معنى آخر وقد اشتمل الباب على عدة أحاديث * الحديث الأول أصل البعث إلى اليمن وسيأتي في استتابة المرتدين من طريق حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبي موسى سبب بعثه إلى اليمن ولفظه قال أقبلت ومعي رجلان من الأشعريين وكلاهما سأل يعني أن يستعمله فقال لن نستعمل على عملنا من إرادة ولكن أذهب أنت يا أبا موسى إلى اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل (قوله وبعث كل واحد منهما على مخلاف قال واليمن مخلافان) المخلاف بكسر الميم وسكون المعجمة وآخره فاء هو بلغة أهل اليمن وهو الكورة والإقليم والرستاق بضم الراء وسكون المهملة بعدها مثناة وآخرها قاف وكانت جهة معاذ العليا إلى صوب عدن وكان من عمله الجند بفتح الجيم والنون وله بها مسجد مشهور إلى اليوم وكانت جهة أبي موسى السفلى والله أعلم (قوله يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا) قال الطيبي هو معنى الثاني من أبا ب المقابلة المعنوية لان الحقيقية أن يقال بشرا ولا تنذرا وآنسا ولا تنفرا فجمع بينهما ليعم البشارة والنذارة والتأنيس والتنفير (قلت) ويظهر لي أن النكتة في الاتيان بلفظ البشارة وهو الأصل وبلفظ التنفير وهو اللازم وأتى بالذي بعده على العكس للإشارة إلى أن الانذار لا ينفى مطلقا بخلاف التنفير فاكتفى بما يلزم عنه الانذار وهو التنفير فكأنه قيل أن أنذرتم فيكن بغير تنفير كقوله تعالى فقولا له قولا لينا (قوله إذا سار في أرضه كان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا) كذا فيه وللأكثر إذا سار في أرضه وكان قريبا أحدث أي جدد به العهد لزيارته ووقع في رواية سعيد بن أبي بردة الآتية في الباب فجعلا يتزاوران فزار معاذ أبا موسى زاد في رواية حميد ابن هلال فلما قدم عليه ألقى له وسادة قال انزل (قوله وإذا رجل عنده) لم اقف على اسمه لكن في رواية سعيد بن أبي بردة أنه يهودي وسيأتي كذلك في رواية حميد بن هلال في استتابة المرتدين مع شرح هذه القصة وبيان الاختلاف في مدة استتابة المرتدين وقوله أيم بفتح الميم وترك إشباعها لغة وأخطأ من ضمها وأصله أي الاستفهامية دخلت عليها ما وقد سمع أيم هذا بالتخفيف مثل أيش هذا فخذفت الألف من أيم والهمز من أيش (قوله ثم نزل فقال يا عبد الله) هو اسم أبي موسى (كيف تقرأ القرآن قال أتفوقه تفوقا) بالفاء ثم القاف أي ألازم قراءته ليلا ونهارا شيئا بعد شئ وحينا بعد حين مأخود من فواق الناقة وهو أن تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب هكذا دائما (قوله وقد قضيت جزئي) قال الدمياطي لعله أربى وهو الوجه وهو كما قال لو جاءت به الرواية ولكن الذي جاء في الرواية صحيح والمراد به أنه جزأ الليل أجزاء جزأ للنوم وجزأ للقراءة والقيام فلا يلتفت إلى تخطئة الرواية الصحيحة الموجهة بمجرد التخيل (قوله فاحتسبت نومتي
(٤٩)