حرف تنبيه مثل ألا ومنه قول الشاعر لا وأبيك ابنة العامري لا يدعي القوم أني أفر وقوله لا تحرك به لسانك لتعجل به لم يختلف السلف أن المخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في شأن نزول الوحي كما دل عليه حديث الباب وحكى الفخر الرازي أن القفال جوز أنها نزلت في الانسان المذكور قبل ذلك في قوله تعالى ينبأ الانسان يومئذ بما قدم وأخر قال يعرض عليه كتابه فيقال اقرأ كتابك فإذا أخذ في القراءة تلجلج خوفا فأسر في القراءة فيقال لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه أي أن يجمع عملك وأن يقرأ عليك فإذا قرأناه عليك فاتبع قرآنه بالاقرار بأنك فعلت ثم إن علينا بيان أمر الانسان وما يتعلق بعقوبته قال وهذا وجه حسن ليس في العقل ما يدفعه وأن كانت الآثار غير واردة فيه والحامل على ذلك عسر بيان المناسبة بين هذه الآية وما قبلها من أحوال القيامة حتى زعم بعض الرافضة أنه سقط من السور شئ وهي من جملة دعاويهم الباطلة وقد ذكر الأئمة لها مناسبات منها أنه سبحانه وتعالى لما ذكر القيامة وكان من شأن من يقصر عن العمل لها حب العاجلة وكان من أصل الدين أن المبادرة إلى أفعال الخير مطلوبة فنبه على أنه قد يعترض على هذا المطلوب ما هي أجل منه وهو الاصغاء إلى الوحي وتفهم ما يرد منه والتشاغل بالحفظ قد يصد عن ذلك فأمر أن لا يبادر إلى التحفظ لان تحفيظه مضمون على ربه وليصغ إلى ما يرد عليه إلى أن ينقضي فيتبع ما احتمل عليه ثم لما انقضت الجملة المعترضة رجع الكلام إلى ما يتعلق بالانسان المبدأ بذكره ومن هو من جنسه فقال كلا وهي كلمة ردع كأنه قال بل أنتم يا بني آدم لكونكم خلقتم من عجل تعجلون في كل شئ ومن ثم تحبون العاجلة وهذا على قراءة تحبون بالمثناة وهي قراءة الجمهور وقرأ بن كثير وأبو عمرو بياء الغيبة حملا على لفظ الانسان لان المراد به الجنس ومنها أن عادة القرآن إذا ذكر الكتاب المشتمل على عمل العبد حيث يعرض يوم القيامة أردفه بذكر الكتاب المشتمل على الاحكام الدينية في الدنيا التي تنشأ عنها المحاسبة عملا وتركا كما قال في الكهف ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه إلى أن قال ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل وكان الانسان أكثر شئ جدلا وقال تعالى في سبحان فمن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم إلى أن قال ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن الآية وقال في طه يوم ينفخ في السور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا إلى أن قال فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه وقل رب زدني علما ومنها أن أول السورة لما نزل إلى قوله ولو ألقى معاذيره صادف أنه صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة بادر إلى تحفظ الذي نزل وحرك به لسانه من عجلته خشية من تفلته فنزلت لا تحرك به لسانك إلى قوله ثم إن علينا بيانه ثم عاد الكلام إلى تكملة ما ابتدأ به قال الفخر الرازي ونحوه ما لو ألقى المدرس على الطالب مثلا مسألة فتشاغل الطالب بشئ عرض له فقال ألق بالك وتفهم ما أقول ثم كمل المسألة فمن لا يعرف السبب يقول ليس هذا الكلام مناسبا للمسألة بخلاف من عرف ذلك ومنها أن النفس لما تقدم ذكرها في أول السورة عدل إلى ذكر نفس المصطفى كأنه قيل هذا شان النفوس وأنت يا محمد نفسك أشرف النفوس فلتأخذ بأكمل الأحوال ومنها مناسبات أخرى ذكرها الفخر الرازي لا طائل فيها مع أنها لا تخلو عن تعسف (قوله وقال ابن عباس ليفجر أمامه سوف أتوب سوف أعمل) وصله
(٥٢٢)