وأجيب بأن المقصود في خطبة النكاح أيضا الايجاز فلا نقض وثم أجوبة أخرى منها دعوى الترجيح فيكون حيز المنع أولى لأنه عام والآخر يحتمل الخصوصية ولأنه ناقل والآخر مبنى على الأصل ولأنه قول والآخر فعل ورد بان احتمال التخصيص في القول أيضا حاصل بكل قول ليس فيه صيغة عموم أصلا ومنها دعوى انه من الخصائص فيمتنع من غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا يمتنع منه لان غيره إذا جمع أوهم اطلاقة التسوية بخلافه هو فان منصبه لا يتطرق إليه ايهام ذلك والى هذا مال ابن عبد السلام ومنها دعوى التفرقة بوجه آخر وهو ان كلامه صلى الله عليه وسلم هنا جملة واحدة فلا يحسن إقامة الظاهر فيها مقام المضمر وكلام الذي خطب جملتان لا يكره إقامة الظاهر فيهما مقام المضمر وتعقب هذا بأنه لا يلزم من كونه لا يكره إقامة الظاهر فيهما مقام المضمر ان يكره إقامة المضمر فيهما مقام الظاهر فما وجه الرد على الخطيب مع أنه هو صلى الله عليه وسلم جمع كما تقدم ويجاب بأن قصة الخطيب كما قلنا ليس فيها صيغة عموم بل هي واقعة عين فيحتمل ان يكون في ذلك المجلس من يخشى عليه توهم التسوية كما تقدم ومن محاسن الأجوبة في الجمع بين حديث الباب وقصة الخطيب ان تثنية الضمير هنا للايماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين لا كل واحدة منهما فإنها وحدها لاغية إذا لم ترتبط بالأخرى فمن يدعى حب الله مثلا ولا يحب رسوله لا ينفعه ذلك ويشير إليه قوله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله فأوقع متابعته مكتنفة بين قطري محبة العباد ومحبة الله تعالى للعباد وأما أمر الخطيب بالافراد فلان كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية إذ العطف في تقدير التكرير والأصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم ويشير إليه قوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فأعاد أطيعوا في الرسول ولم يعده في أولي الأمر لانهم لا استقلال لهم في الطاعة كاستقلال الرسول انتهى ملخصا من كلام البيضاوي والطيبي ومنها أجوبة أخرى فيها تكلم منها أن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه ومنها أن له أن يجمع بخلاف غيره (قوله وان يحب المرء) قال يحيى بن معاذ حقيقة الحب في الله ان لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء (قوله وان يكره ان يعود في الكفر) زاد أبو نعيم في المستخرج من طريق الحسن بن سفيان عن محمد بن المثنى شيخ المصنف بعد إذ أنقذه الله منه وكذا هو في طريق أخرى للمصنف والانقاذ أعم من أن يكون بالعصمة منه ابتداء بأن يولد على الاسلام ويستمر أو بالاخراج من ظلمة الكفر إلى نور الايمان كما وقع لكثير من الصحابة وعلى الأول فيحمل قوله يعود على معنى الصيرورة بخلاف الثاني فان العود فيه على ظاهره فان قيل فلم عدى العود بفي ولم يعده بالى فالجواب أنه ضمنه معنى الاستقرار وكأنه قال يستقر فيه ومثله قوله تعالى وما كان لنا ان نعود فيها * (تنبيه) * هذا الاسناد كله بصريون وأخرجه المصنف بعد ثلاثة أبواب من طريق شعبة عن قتادة عن أنس واستدل به على فضل من أكره على الكفر فترك البتة إلى أن قتل وأخرجه من هذا الوجه في الأدب في لفظ الحب في الله ولفظه في هذه الرواية وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه وهى أبلغ من لفظ حديث الباب لأنه سوى فيه بين الامرين وهنا جعل الوقوع في نار الدنيا أولى من الكفر الذي أنقذه الله بالخروج منه من نار الأخرى وكذا رواه مسلم من هذا الوجه وصرح النسائي في روايته والإسماعيلي بسماع قتادة له من أنس والله الموفق وأخرجه
(٥٨)