ابن عرعرة ومن جهة إبراهيم أخرجه أبو عوانة وابن حبان والإسماعيلي وغيرهم وهو غريب عن عبد الملك تفرد به عنه أبو غسان مالك بن عبد الواحد شيخ مسلم فاتفق الشيخان على الحكم بصحته مع غرابته وليس هو في مسند أحمد على سعته وقد استبعد قوم صحته بأن الحديث لو كان عند ابن عمر لما ترك أباه ينازع أبا بكر في قتال مانعي الزكاة ولو كانوا يعرفونه لما كان أبو بكر يقر عمر على الاستدلال بقوله عليه الصلاة والسلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وينتقل عن الاستدلال بهذا النص إلى القياس إذ قال لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة لأنها قرينتها في كتاب الله والجواب أنه لا يلزم من كون الحديث المذكور عند ابن عمر أن يكون استحضره في تلك الحالة ولو كان مستحضرا له فقد يحتمل أن لا يكون حضر المناظرة المذكورة ولا يمتنع أن يكون ذكره لهما بعد ولم يستدل أبو بكر في قتال مانعي الزكاة بالقياس فقط بل أخذه أيضا من قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الا بحق الاسلام قال أبو بكر والزكاة حق الاسلام ولم ينفرد ابن عمر بالحديث المذكور بل رواه أبو هريرة أيضا بزيادة الصلاة والزكاة فيه كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في كتاب الزكاة وفى القصة دليل على أن السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة ويطلع عليها آحادهم ولهذا لا يلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سنة تخالفها ولا يقال كيف خفى ذا على فلان والله الموفق (قوله أمرت) أي أمرني الله لأنه لا آمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم الا الله وقياسه في الصحابي إذا قال أمرت فالمعنى أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحتمل ان يريد أمرني صحابي آخر لانهم من حيث إنهم مجتهدون لا يحتجون بأمر مجتهد آخر وإذا قاله التابعي احتمل والحاصل ان من اشتهر بطاعة رئيس إذا قال ذلك فهم منه ان الآمر له هو ذلك الرئيس (قوله أن أقاتل) أي بأن أقاتل وحذف الجار من أن كثير (قوله حتى يشهدوا) جعلت غاية المقاتلة وجود ما ذكر فمقتضاه ان من شهد وأقام وآتى عصم دمه ولو جحد باقي الاحكام والجواب ان الشهادة بالرسالة تتضمن التصديق بما جاء به مع أن نص الحديث وهو قوله الا بحق الاسلام يدخل فيه جميع ذلك فان قيل فلم لم يكتف به ونص على الصلاة والزكاة فالجواب ان ذلك لعظمهما والاهتمام بأمرهما لأنهما أما العبادات البدنية والمالية (قوله ويقيموا الصلاة) أي يداوموا على الاتيان بها بشروطها من قامت السوق إذا نفقت وقامت الحرب إذا اشتد القتال أو المراد بالقيام الأداء تعبيرا عن الكل بالجزء إذ القيام بعض أركانها والمراد بالصلاة المفروض منها لا جنسها فلا تدخل سجدة التلاوة مثلا وان صدق اسم الصلاة عليها وقال الشيخ محيي الدين النووي في هذا الحديث ان من ترك الصلاة عمدا يقتل ثم ذكر اختلاف المذاهب في ذلك وسئل الكرماني هنا عن حكم تارك الزكاة وأجاب بان حكمهما واحد لاشتراكهما في الغاية وكأنه أراد في المقاتلة أما في القتل فلا والفرق ان الممتنع من إيتاء الزكاة يمكن أن تؤخذ منه قهرا بخلاف الصلاة فان انتهى إلى نصب القتال ليمنع الزكاة قوتل وبهذه الصورة قاتل الصديق مانعي الزكاة ولم ينقل أنه قتل أحدا منهم صبرا وعلى هذا ففي الاستدلال بهذا الحديث على قتل تارك الصلاة نظر للفرق بين صيغة أقاتل وأقتل والله أعلم وقد أطنب ابن دقيق العيد في شرح العمدة في الانكار على من استدل بهذا الحديث على ذلك وقال لا يلزم من إباحة المقاتلة إباحة
(٧١)