ان هذا هو الذي وقع في البيعة الأولى فقد صدرت مبايعات أخرى ستذكر في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى منها هذه البيعة التي في حديث الباب في الزجر عن الفواحش المذكورة والذي يقوى انها وقعت بعد فتح مكة بعد ان نزلت الآية التي في الممتحنة وهى قوله تعالى يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ونزول هذه الآية متأخر بعد قصة الحديبية بلا خلاف والدليل على ذلك ما عند البخاري في كتاب الحدود من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري في حديث عبادة هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بايعهم قرأ الآية كلها وعنده في تفسير الممتحنة من هذا الوجه قال قرأ آية النساء ولمسلم من طريق معمر عن الزهري قال فتلا علينا آية النساء قال إن لا تشركن بالله شيئا وللنسائي من طريق الحرث بن فضيل عن الزهري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا تبايعونني على ما بايع عليه النساء ان لا تشركوا بالله شيئا الحديث وللطبراني من وجه آخر عن الزهري بهذا السند بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما بايع عليه النساء يوم فتح مكة ولمسلم من طريق أبى الأشعث عن عبادة في هذا الحديث أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء فهذه أدلة ظاهرة في أن هذه البيعة انما صدرت بعد نزول الآية بل بعد صدور البيعة بل بعد فتح مكة وذلك بعد اسلام أبي هريرة بمدة ويؤيد هذا ما رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه عن أبيه عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن أيوب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئا فذكر نحو حديث عبادة ورجاله ثقات وقد قال إسحاق بن راهويه إذا صح الاسناد إلى عمرو بن شعيب فهو كأيوب عن نافع عن بن عمر اه وإذا كان عبد الله بن عمرو أحد من حضر البيعة وليس هو من الأنصار ولا ممن حضر بيعتهم وانما كان اسلامهم قرب اسلام أبي هريرة وضح تغاير البيعتين بيعة الأنصار ليلة العقبة وهى قبل الهجرة إلى المدينة وبيعة أخرى وقعت بعد فتح مكة وشهدها عبد الله بن عمرو وكان اسلامه بعد الهجرة بمدة طويلة ومثل ذلك ما رواه الطبراني من حديث جرير قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل ما بايع عليه النساء فذكر الحديث وكان اسلام جرير متأخرا عن اسلام أبي هريرة على الصواب وانما حصل الالتباس من جهة ان عبادة بن الصامت حضر البيعتين معا وكانت بيعة العقبة من أجل ما يتمدح به فكان يذكرها إذا حدث تنويها بسابقيته فلما ذكر هذه البيعة التي صدرت على مثل بيعة النساء عقب ذلك توهم من لم يقف على حقيقة الحال ان البيعة الأولى وقعت على ذلك ونظيره ما أخرجه أحمد من طريق محمد بن إسحاق عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده وكان أحد النقباء قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الحرب وكان عبادة من الاثني عشر الذين بايعوا في العقبة الأولى على بيعة النساء وعلى السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا الحديث فإنه ظاهر في اتحاد البيعتين ولكن الحديث في الصحيحين كما سيأتي في الاحكام ليس فيه هذه الزيادة وهو من طريق مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبادة بن الوليد والصواب أن بيعة الحرب بعد بيعة العقبة لان الحرب انما شرع بعد الهجرة ويمكن تأويل رواية ابن إسحاق وردها إلى ما تقدم وقد اشتملت روايته على ثلاث بيعات بيعة العقبة وقد صرح انها كانت قبل أن يفرض الحرب في رواية الصنابحي عن عبادة عند أحمد والثانية بيعة الحرب وسيأتى في
(٦٣)