الأشعث عن عبادة في هذا الحديث ومن أتى منكم حدا إذ القتل على الشرك لا يسمى حدا لكن يعكر على هذا القائل ان الفاء في قوله فمن لترتب ما بعدها على ما قبلها وخطاب المسلمين بذلك لا يمنع التحذير من الاشراك وما ذكر في الحد عرفي حادث فالصواب ما قال النووي وقال الطيبى الحق ان المراد بالشرك الشرك الأصغر وهو الرياء ويدل عليه تنكير شيئا أي شركا أيا ما كان وتعقب بان عرف الشارع إذا أطلق الشرك انما يريد به ما يقابل التوحيد وقد تكرر هذا اللفظ في الكتاب والأحاديث حيث لا يراد به الا ذلك ويجاب بان طلب الجمع يقتضى ارتكاب المجاز فما قاله محتمل وإن كان ضعيفا ولكن يعكر عليه أيضا انه عقب الإصابة بالعقوبة في الدنيا والرياء لا عقوبة فيه فوضح ان المراد الشرك وانه مخصوص وقال القاضي عياض ذهب أكثر العلماء ان الحدود كفارات واستدلوا بهذا الحديث ومنهم من وقف لحديث أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا أدرى الحدود كفارة لأهلها أم لا لكن حديث عبادة أصح اسنادا ويمكن يعنى على طريق الجمع بينهما أن يكون حديث أبي هريرة ورد أولا قبل ان يعلمه الله ثم أعلمه بعد ذلك (قلت) حديث أبي هريرة أخرجه الحاكم في المستدرك والبزار من رواية معمر عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة وهو صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر وذكر الدارقطني أن عبد الرزاق تفرد بوصله وان هشام بن يوسف رواه عن معمر فأرسله (قلت) وقد وصله آدم بن أبي اياس عن ابن أبي ذئب أخرجه الحاكم أيضا فقويت رواية معمر وإذا كان صحيحا فالجمع الذي جمع به القاضي حسن لكن القاضي ومن تبعه جازمون بان حديث عبادة هذا كان بمكة ليلة العقبة لما بايع الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة الأولى بمنى وأبو هريرة انما أسلم بعد ذلك بسبع سنين عام خيبر فكيف يكون حديثه متقدما وقالوا في الجواب عنه يمكن ان يكون أبو هريرة ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وانما سمعه من صحابي آخر كان سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم قديما ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ان الحدود كفارة كما سمعه عبادة وفى هذا تعسف ويبطله ان أبا هريرة صرح بسماعه وان الحدود لم تكن نزلت إذ ذاك والحق عندي أن حديث أبي هريرة صحيح وهو ما تقدم على حديث عبادة والمبايعة المذكورة في حديث عبادة على الصفة المذكورة لم تقع ليلة العقبة وانما نص ليلة العقبة ما ذكر ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن حضر من الأنصار أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم فبايعوه على ذلك وعلى ان يرحل إليهم هو وأصحابه وسيأتى في هذا الكتاب في كتاب الفتن وغيره من حديث عبادة أيضا قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره الحديث وأصرح من ذلك في هذا المراد ما أخرجه احمد والطبراني من وجه آخر عن عبادة أنه جرت له قصة مع أبي هريرة عند معاوية بالشام فقال يا أبا هريرة انك لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وعلى ان نقول بالحق ولا نخاف في الله لومة لائم وعلى ان ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة فهذه بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بايعناه عليها فذكر بقية الحديث وعند الطبراني له طريق أخرى وألفاظ قريبة من هذه وقد وضح
(٦٢)