القزاز ما اتفق عليه المفسرون في قوله تعالى فلبث في السجن بضع سنين وما رواه الترمذي بسند صحيح ان قريشا قالوا ذلك لأبي بكر وكذا رواه الطبري مرفوعا ونقل الصغاني في العباب انه خاص بما دون العشرة وبما دون العشرين فإذا جاوز العشرين امتنع قال وأجازه أبو زيد فقال يقال بضعة وعشرين رجلا وبضع وعشرون امرأة وقال الفراء هو خاص بالعشرات إلى التسعين ولا يقال بضع ومائة ولا بضع وألف ووقع في بعض الروايات بضعة بتاء التأنيث ويحتاج إلى تأويله (قوله وستون) لم تختلف الطرق عن أبي عامر شيخ شيخ المؤلف في ذلك وتابعه يحيى الحماني بكسر المهملة وتشديد الميم عن سليمان بن بلال وأخرجه أبو عوانة من طريق بشر بن عمرو عن سليمان بن بلال فقال بضع وستون أو بضع وسبعون وكذا وقع التردد في رواية مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار ورواه أصحاب السنن الثلاثة من طريقه فقالوا بضع وسبعون من غير شك ولابى عوانة في صحيحه من طريق ست وسبعون أو سبع وسبعون ورجح البيهقي رواية البخاري لان سليمان لم يشك وفيه نظر لما ذكرنا من رواية بشر بن عمرو عنه فتردد أيضا لكن يرجح بأنه المتيقن وما عداه مشكوك فيه وأما رواية الترمذي بلفظ أربع وستون فمعلولة وعلى صحتها لا تخالف رواية البخاري وترجيح رواية بضع وسبعون لكونها زيادة ثقة كما ذكره الحليمي ثم عياض لا يستقيم إذ الذي زادها لم يستمر على الجزم بها لا سيما مع اتحاد المخرج وبهذا يتبين شفوف نظر البخاري وقد رجح ابن الصلاح الأقل لكونه المتيقن (قوله شعبة) بالضم أي قطعة والمراد الخصلة أو الجزء (قوله والحياء) هو بالمد وهو في اللغة تغير وانكسار يعترى الانسان من خوف ما يعاب به وقد يطلق على مجرد ترك الشئ بسبب والترك انما هو من لوازمه وفى الشرع خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ولهذا جاء في الحديث الآخر الحياء خير كله فان قيل الحياء من الغرائز فكيف جعل شعبة من الايمان أجيب بأنه قد يكون غريزة وقد يكون تخلقا ولكن استعماله على وفق الشرع يحتاج إلى اكتساب وعلم ونية فهو من الايمان لهذا ولكونه باعثا على فعل الطاعة وحاجزا عن فعل المعصية ولا يقال رب حياء يمنع عن قول الحق أو فعل الخير لان ذاك ليس شرعيا فان قيل لم أفرده بالذكر هنا أجيب بأنه كالداعي إلى باقي الشعب إذ الحي يخاف فضيحة الدنيا والآخرة فيأتمر وينزجر والله الموفق وسيأتى مزيد في الكلام عن الحياء في باب الحياء من الايمان بعد أحد عشر بابا * (فائدة) * قال القاضي عياض تكلف جماعة حصر هذه الشعب بطريق الاجتهاد وفى الحكم بكون ذلك هو المراد صعوبة ولا يقدح عدم معرفة حصر ذلك على التفصيل في الايمان اه ولم يتفق من عد الشعب على نمط واحد وأقربها إلى الصواب طريقة ابن حبان لكن لم نقف على بيانها من كلامه وقد لخصت مما أوردوه ما أذكره وهو ان هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن فاعمال القلب فيه المعتقدات والنيات وتشتمل على أربع وعشرين خصلة الايمان بالله ويدخل فيه الايمان بذاته وصفاته وتوحيده بأنه ليس كمثله شئ واعتقاد حدوث ما دونه والايمان بملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره والايمان باليوم الآخر ويدخل فيه المسألة في القبر والبعث والنشور والحساب والميزان والصراط والجنة والنار ومحبة الله والحب والبغض فيه ومحبة
(٤٩)