واما العمل فالمراد به ما هو أعم من عمل القلب والجوارح ليدخل الاعتقاد والعبادات ومراد من أدخل ذلك في تعريف الايمان ومن نفاه انما هو بالنظر إلى ما عند الله تعالى فالسلف قالوا هو اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط في كماله ومن هنا نشأ لهم القول بالزيادة والنقص كما سيأتي والمرجئة قالوا هو اعتقاد ونطق فقط والكرامية قالوا هو نطق فقط والمعتزلة قالوا هو العمل والنطق والاعتقاد والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطا في صحته والسلف جعلوها شرطا في كماله وهذا كله كما قلنا بالنظر إلى ما عند الله تعالى أما بالنظر إلى ما عندنا فالايمان هو الاقرار فقط فمن أقرأ جريت عليه الاحكام في الدنيا ولم يحكم عليه بكفر الا ان اقترن به فعل يدل على كفره كالسجود للصنم فإن كان الفعل لا يدل على الكفر كالفسق فمن أطلق عليه الايمان فبالنظر إلى اقراره ومن نفى عنه الايمان فبالنظر إلى كماله ومن أطلق عليه الكفر فبالنظر إلى أنه فعل فعل الكافر ومن نفاه عنه فبالنظر إلى حقيقته وأثبتت المعتزلة الواسطة فقالوا الفاسق لا مؤمن ولا كافر وأما المقام الثاني فذهب السلف إلى أن الايمان يزيد وينقص وأنكر ذلك أكثر المتكلمين وقالوا متى قبل ذلك كان شكا قال الشيخ محيي الدين والا ظهر المختار ان التصديق يزيد وينقص بكثرة النظر ووضوح الأدلة ولهذا كان ايمان الصديق أقوى من ايمان غيره بحيث لا يعتريه الشبهة ويؤيده ان كل أحد يعلم أن ما في قلبه يتفاضل حتى أنه يكون في بعض الأحيان الايمان أعظم يقينا واخلاصا وتوكلا منه في بعضها وكذلك في التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها وقد نقل محمد بن نصر المروزي في كتابه تعظيم قدر الصلاة عن جماعة من الأئمة نحو ذلك وما نقل عن السلف صرح به عبد الرزاق في مصنفه عن سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وابن جريج ومعمر وغيرهم وهؤلاء فقهاء الأمصار في عصرهم وكذا نقله أبو القاسم اللالكائي في كتاب السنة عن الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبى عبيد وغيرهم من الأئمة وروى بسنده الصحيح عن البخاري قال لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالامصار فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الايمان قول وعمل ويزيد وينقص وأطنب ابن أبي حاتم واللالكائي في نقل ذلك بالأسانيد عن جمع كثير من الصحابة والتابعين وكل من يدور عليه الاجماع من الصحابة والتابعين وحكاه فضيل بن عياض ووكيع عن أهل السنة والجماعة وقال الحاكم في مناقب الشافعي حدثنا أبو العباس الأصم أنا الربيع قال سمعت الشافعي يقول الايمان قول وعمل يزيد وينقص أخرجه أبو نعيم في ترجمة الشافعي من الحلية من وجه آخر عن الربيع وزاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ثم تلى ويزداد الذين آمنوا ايمانا الآية ثم شرع المصنف يستدل لذلك بآيات من القرآن مصرحة بالزيادة وبثبوتها يثبت المقابل فان كل قابل للزيادة قابل للنقصان ضرورة (قوله والحب في الله والبغض في الله من الايمان) هو لفظ حديث أخرجه أبو داود من حديث أبي أمامة ومن حديث أبي ذر ولفظه أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله ولفظ أبى أمامة من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان وللترمذي من حديث معاذ بن أنس نحو حديث أبي أمامة وزاد أحمد فيه ونصح لله وزاد في أخرى ويعمل لسانه في ذكر الله وله عن عمرو بن الجموح بلفظ لا يجد العبد صريح الايمان حتى يحب لله ويبغض لله ولفظ البراء رفعه أوثق عرا الايمان الحب في الله والبغض في الله وسيأتى عند المصنف آية الايمان حب الأنصار واستدل بذلك على أن
(٤٤)