على يد أبى عبيدة بن الجراح سنة ست عشرة بعد هذه القصة بعشر سنين (قوله وأنه نبي) يدل على أن هرقل وصاحبه اقرا بنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم لكن هرقل كما ذكرنا لم يستمر على ذلك بخلاف صاحبه (قوله فأذن) هي بالقصر من الاذن وفى رواية المستملى وغيره بالمد ومعناه أعلم والدسكرة بسكون السين المهملة القصر الذي حوله بيوت وكأنه دخل القصر ثم اغلقه وفتح أبواب البيوت التي حوله وأذن للروم في دخولها ثم أغلقها ثم اطلع عليهم فخاطبهم وانما فعل ذلك خشية ان يثبوا به كما وثبوا بضغاطر (قوله والرشد) بفتحتين (وان يثبت ملككم) لانهم ان تمادوا على الكفر كان سببا لذهاب ملكهم كما عرف هو ذلك من الأخبار السابقة (قوله فتبايعوا) بمثناة ثم موحدة وللكشميهني بمثناتين وموحدة وللأصيلي فنبايع بنون وموحدة (لهذا النبي) كذا لأبي ذر وللباقين بحذف اللام (قوله فحاصوا) بمهملتين أي نفروا وشبههم بالوحوش لان نفرتها أشد من نفرة البهائم الانسية وشبههم بالحمر دون غيرها من الوحوش لمناسبة الجهل وعدم الفطنة بل هم أضل (قوله وأيس) في رواية الكشميهني والأصيلي ويئس بيائين تحتانيتين وهما بمعنى والأول مقلوب من الثاني (قوله من الايمان) أي من ايمانهم لما أظهروه ومن ايمانه لأنه شح بملكه كما قدمنا وكان يحب أن يطيعوه فيستمر ملكه ويسلم ويسلموا باسلامهم فما أيس من الايمان الا بالشرط الذي أراده والا فقد كان قادرا على أن يفر عنهم ويترك ملكه رغبة فيما عند الله والله الموفق (قوله آنفا) أي قريبا وهو منصوب على الحال (قوله فقد رأيت) زاد في التفسير فقد رأيت منكم الذي أحببت (قوله فكان ذلك آخر شأن هرقل) أي فيما يتعلق بهذه القصة المتعلقة بدعائه إلى الايمان خاصة لا أنه انقضى أمره حينئذ أو انه أطلق الآخرية بالنسبة إلى ما في علمه وهذا أوجه لان هرقل وقعت له قصص أخرى بعد ذلك منها ما أشرنا إليه من تجهيزه الجيوش إلى مؤتة ومن تجهيزه الجيوش أيضا إلى تبوك ومكاتبة النبي صلى الله عليه وسلم له ثانيا وارساله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهب فقسمه بين أصحابه كما في رواية ابن حيان التي أشرنا إليها قبل وأبى عبيد وفى المسند من طريق سعيد بن أبي راشد التنوخي رسول هرقل قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فبعث دحية إلى هرقل فلما جاءه الكتاب دعا قسيسي الروم وبطارقتها فذكر الحديث قال فتحيروا حتى أن بعضهم خرج من برنسه فقال اسكتوا فإنما أردت ان أعلم تمسككم بدينكم وروى ابن إسحاق عن خالد بن بشار عن رجل من قدماء أهل الشام ان هرقل لما أراد الخروج من الشأم إلى القسطنطينية عرض على الروم أمورا اما الاسلام واما الجزية واما ان يصالح النبي صلى الله عليه وسلم ويبقى لهم ما دون الدرب فأبوا وأنه انطلق حتى إذا أشرف على الدرب استقبل أرض الشأم ثم قال السلام عليك أرض سورية يعنى الشأم تسليم المودع ثم ركض حتى دخل القسطنطينية واختلف الأخباريون هل هو الذي حاربه المسلمون في زمن أبى بكر وعمر أو ابنه والأظهر أنه هو والله أعلم * (تنبيه) * لما كان أمر هرقل في الايمان عند كثير من الناس مستبهما لأنه يحتمل أن يكون عدم تصريحه بالايمان للخوف على نفسه من القتل ويحتمل أن يكون استمر على الشك حتى مات كافرا وقال الراوي في آخر القصة فكان ذلك آخر شأن هرقل ختم به البخاري هذا الباب الذي استفتحه بحديث الا عمال بالنيات كأنه قال إن صدقت نيته انتفع بها في الجملة
(٤١)