بان مراد ابن مسعود ان اليقين هو أصل الايمان فإذا أيقن القلب انبعثت الجوارح كلها للقاء الله بالأعمال الصالحة حتى قال سفيان الثوري لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي لطار اشتياقا إلى الجنة وهربا من النار (قوله وقال ابن عمر إلى آخره) المراد بالتقوى وقاية النفس عن الشرك والأعمال السيئة والمواظبة على الأعمال الصالحة وبهذا التقرير يصح استدلال المصنف وقوله حاك بالمهملة والكاف الخفيفة أي تردد ففيه إشارة إلى أن بعض المؤمنين بلغ كنه الايمان وحقيقته وبعضهم لم يبلغ وقد ورد معنى قول ابن عمر عند مسلم من حديث النواس مرفوعا وعند أحمد من حديث وابصة وحسن الترمذي من حديث عطية السعدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس وليس فيها شئ على شرط المصنف فلهذا اقتصر على أثر بن عمر ولم أره إلى الآن موصولا وقد اخرج بن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي الدرداء قال تمام التقوى ان تتقى الله حتى تترك ما يرى أنه حلال خشية ان يكون حراما (قوله وقال مجاهد) وصل هذا التعليق عبد بن حميد في تفسيره والمراد ان الذي تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة هو شرع الأنبياء كلهم * (تنبيه) * قال شيخ الاسلام البلقيني وقع في أصل الصحيح في جميع الروايات في أثر مجاهد هذا تصحيف قل من تعرض لبيانه وذلك أن لفظه وقال مجاهد شرع لكم أوصيناك يا محمد وإياه دينا واحدا والصواب أوصاك يا محمد وأنبياءه كذا أخرجه عبد بن حميد والفريابي والطبري وابن المنذر في تفاسيرهم وبه يستقيم الكلام وكيف يفرد مجاهد الضمير لنوح وحده مع أن في السياق ذكر جماعة انتهى ولا مانع من الافراد في التفسير وإن كان لفظ الآية بالجمع على إرادة المخاطب والباقون تبع وافراد الضمير لا يمتنع لان نوحا أفرد في الآية فلم يتعين التصحيف وغاية ما ذكر من مجئ التفاسير بخلاف لفظه ان يكون مذكورا عند المصنف بالمعنى والله أعلم وقد استدل الشافعي وأحمد وغيرهما على أن الأعمال تدخل في الايمان لهذه الآية وما أمروا الا ليعبدوا الله إلى قوله دين القيمة قال الشافعي ليس عليهم أحج من هذه الآية أخرجه الخلال في كتاب السنة (قوله وقال ابن عباس) وصل هذا التعليق عبد الرزاق في تفسيره بسند صحيح والمنهاج السبيل أي الطريق الواضح والشرعة والشريعة بمعنى وقد شرع أي سن فعلى هذا فيه لف ونشر غير مرتب فان قيل هذا يدل على الاختلاف والذي قبله على الاتحاد أجيب بأن ذلك في أصول الدين وليس بين الأنبياء فيه اختلاف وهذا في الفروع وهو الذي يدخله النسخ (قوله دعاؤكم ايمانكم) قال النووي يقع في كثير من النسخ هنا باب وهو غلط فاحش وصوابه بحذفه ولا يصح ادخال باب هنا إذ لا تعلق له هنا (قلت) ثبت باب في كثير من الروايات المتصلة منها رواية أبي ذر ويمكن توجيهه لكن قال الكرماني انه وقف على نسخة مسموعة على الفربري بحذفه وعلى هذا فقوله دعاؤكم ايمانكم من قول ابن عباس وعطفه على ما قبله كعادته في حذف أداة العطف حيث ينقل التفسير وقد وصله ابن جرير من قول ابن عباس قال في قوله تعالى قل ما يعبؤ بكم ربى لولا دعاؤكم قال يقول لولا ايمانكم أخبر الله الكفار انه لا يعبأ بهم ولولا ايمان المؤمنين لم يعبأ بهم أيضا ووجه الدلالة للمصنف ان الدعاء عمل وقد أطلقه على الايمان فيصح اطلاق أن الايمان عمل وهذا على تفسير ابن عباس وقال غيره الدعاء هنا مصدر مضاف إلى المفعول والمراد دعاء الرسل الخلق إلى الايمان فالمعنى ليس لكم عند الله عذر الا أن يدعوكم
(٤٦)