الايمان يزيد وينقص لان الحب والبغض يتفاوتان (قوله وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدى بن عدي ) أي ابن عمرة الكندي وهو تابعي من أولاد الصحابة وكان عامل عمر بن عبد العزيز على الجزيرة فلذلك كتب إليه والتعليق المذكور وصله أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة في كتاب الايمان لهما من طريق عيسى بن عاصم قال حدثني عدى بن عدي قال كتب إلى عمر بن عبد العزيز أما بعد فان للايمان فرائض وشرائع إلى آخره (قوله إن للايمان فرائض) كذا ثبت في معظم الروايات باللام وفرائض بالنصب على أنها اسم ان وفى رواية ابن عساكر فان الايمان فرائض على أن الايمان اسم ان وفرائض خبرها وبالأول جاء الموصول الذي أشرنا إليه (قوله فرائض) أي أعمالا مفروضه (وشرائع) أي عقائد دينية وحدودا أي منهيات ممنوعة وسننا أي مندوبات (قوله فان أعش فسأبينها) أي أبين تفاريعها لا أصولها لان أصولها كانت معلومة لهم مجملة على تجويز تأخير البيان عن وقت الخطاب إذ الحاجة هنا لم تتحقق والغرض من هذا الأثر أن عمر بن عبد العزيز كان ممن يقول بان الايمان يزيد وينقص حيث قال استكمل ولم يستكمل قال الكرماني وهذا على إحدى الروايتين وأما على الرواية الأخرى فقد يمنع ذلك لأنه جعل الايمان غير الفرائض * (قلت) * لكن آخر كلامه يشعر بذلك وهو قوله فمن استكملها أي الفرائض وما معها فقد استكمل الايمان وبهذا تتفق الروايتان فالمراد انها من المكملات لان الشارع أطلق على مكملات الايمان ايمانا (قوله وقال إبراهيم عليه السلام ولكن ليطمئن قلبي) أشار إلى تفسير سعيد بن جبير ومجاهد وغيرهما لهذه الآية فروى ابن جرير بسنده الصحيح إلى سعيد قال قوله ليطمئن قلبي أي يزداد يقيني وعن مجاهد قال لأزداد ايمانا إلى ايمانى وإذا ثبت ذلك عن إبراهيم عليه السلام مع أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد أمر باتباع ملته كان كأنه ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم ذلك وانما فصل المصنف بين هذه الآية وبين الآيات التي قبلها لان الدليل يؤخذ من تلك بالنص ومن هذه بالإشارة والله أعلم (قوله وقال معاذ) هو ابن جبل وصرح بذلك الأصيلي والتعليق المذكور وصله أحمد وأبو بكر أيضا بسند صحيح إلى الأسود بن هلال قال قال لي معاذ بن جبل اجلس بنا نؤمن ساعة وفى رواية لهما كان معاذ بن جبل يقول للرجل من اخوانه اجلس بنا نؤمن ساعة فيجلسان فيذكران الله تعالى ويحمدانه وعرف من الرواية الأولى أن الأسود أبهم نفسه ويحتمل ان يكون معاذ قال ذلك له ولغيره ووجه الدلالة منه ظاهرة لأنه لا يحمل على أصل الايمان لكونه كان مؤمنا وأي مؤمن وانما يحمل على إرادة أنه يزداد ايمانا بذكر الله تعالى وقال القاضي أبو بكر بن العربي لا تعلق فيه للزيادة لان معاذ انما أراد تجديد الايمان لان العبد يؤمن في أول مرة فرضا ثم يكون أبدا مجددا كلما نظر أو فكر وما نفاه أولا أثبته آخرا لان تجديد الايمان ايمان (قوله وقال ابن مسعود اليقين الايمان كله) هذا التعليق طرف من أثر وصله الطبراني بسند صحيح وبقيته والصبر نصف الايمان وأخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الزهد من حديثه مرفوعا ولا يثبت رفعه وجرى المصنف على عادته في الاقتصار على ما يدل بالإشارة وحذف ما يدل بالصراحة إذ لفظ النصف صريح في التجزئة وفى الايمان لأحمد من طريق عبد الله بن حكيم عن ابن مسعود انه كان يقول اللهم زدنا ايمانا ويقينا وفقها واسناده صحيح وهذا أصرح في المقصود ولم يذكره المصنف لما أشرت إليه * (تنبيه) * تعلق بهذا الأثر من يقول إن الايمان هو مجرد التصديق وأجيب
(٤٥)