من كلام النووي وأما الحنفية فلم يقولوا بوجوب السبع ولا التتريب واعتذر الطحاوي وغيره عنهم بأمور منها كون أبي هريرة راويه أفتى بثلاث غسلات فثبت بذلك نسخ السبع وتعقب بأنه يحتمل ان يكون أفتى بذلك لاعتقاده ندبية السبع لا وجوبها أو كان نسى ما رواه ومع الاحتمال لا يثبت النسخ وأيضا فقد ثبت انه أفتى بالغسل سبعا ورواية من روى عنه موافقة فتياه لروايته أرجح من رواية من روى عنه مخالفتها من حيث الاسناد ومن حيث النظر أما النظر فظاهر وأما الاسناد فالموافقة وردت من رواية حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عنه وهذا من أصح الأسانيد وأما المخالفة فمن رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عنه وهو دون الأول في القوة بكثير ومنها ان العذرة أشد في النجاسة من سؤر الكلب ولم يقيد بالسبع فيكون الولوغ كذلك من باب الأولى وأجيب بأنه لا يلزم من كونها أشد منه في الاستقذار أن لا يكون أشد منها في تغليظ الحكم وبأنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار ومنها دعوى ان الامر بذلك كان عند الامر بقتل الكلاب فلما نهى عن قتلها نسخ الامر بالغسل وتعقب بان الامر بقتلها كان في أوائل الهجرة والامر بالغسل متأخر جدا لأنه من رواية أبي هريرة وعبد الله بن مغفل وقد ذكر ابن مغفل انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالغسل وكان اسلامه سنة سبع كأبى هريرة بل سياق مسلم ظاهر في أن الامر بالغسل كان بعد الامر بقتل الكلاب ومنها الزام الشافعية بايجاب ثمان غسلات عملا بظاهر حديث عبد الله بن مغفل الذي أخرجه مسلم ولفظه فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب وفى رواية أحمد بالتراب وأجيب بأنه لا يلزم من كون الشافعية لا يقولون بظاهر حديث عبد الله بن مغفل ان يتركوا هم العمل بالحديث أصلا ورأسا لان اعتذار الشافعية عن ذلك إن كان متجها فذاك والا فكل من الفريقين ملوم في ترك العمل به قاله ابن دقيق العيد وقد اعتذر بعضهم عن العمل به بالاجماع على خلافه وفيه نظر لأنه ثبت القول بذلك عن الحسن البصري وبه قال أحمد بن حنبل في رواية حرب الكرماني عنه ونقل عن الشافعي أنه قال هو حديث لم أقف على صحته ولكن هذا لا يثبت العذر لمن وقف على صحته وجنح بعضهم إلى الترجيح لحديث أبي هريرة على حديث ابن مغفل والترجيح لا يصار إليه مع امكان الجمع والاخذ بحديث ابن مغفل يستلزم الاخذ بحديث أبي هريرة دون العكس والزيادة من الثقة مقبولة ولو سلكنا الترجيح في هذا الباب لم نقل بالتتريب أصلا لان رواية مالك بدونه أرجح من رواية من أثبته ومع ذلك فقلنا به أخذا بزيادة الثقة وجمع بعضهم بين الحديثين بضرب من المجاز فقال لما كان التراب جنسا غير الماء جعل اجتماعهما في المرة الواحدة معدودا باثنتين وتعقبه ابن دقيق العيد بان قوله وعفروه الثامنة بالتراب ظاهر في كونها غسلة مستقلة لكن لو وقع التعفير في أوله قبل ورود الغسلات السبع كانت الغسلات ثمانية ويكون اطلاق الغسلة على التتريب مجازا وهذا الجمع من مرجحات تعين التراب في الأولى والكلام على هذا الحديث وما يتفرع منه منتشر جدا ويمكن ان يفرد بالتصنيف ولكن هذا القدر كاف في هذا المختصر والله المستعان (قوله حدثنا إسحاق) هو ابن منصور الكوسج كما جزم به أبو نعيم في المستخرج وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث وشيخه عبد الرحمن تكلم فيه بعضهم لكنه صدوق ولم ينفرد بهذا الحديث والاسناد منه فصاعدا مدنيون وأبوه وشيخه أبو صالح السمان تابعيان (قوله
(٢٤٢)