انه القوى من حيث الدليل والأولوية المذكورة قد تمنع لكون فمه محل استعمال النجاسات (قوله في اناء أحدكم) ظاهره العموم في الآنية ومفهومه يخرج الماء المستنقع مثلا وبه قال الأوزاعي مطلقا لكن إذا قلنا بان الغسل للتنجيس يجرى الحكم في القليل من الماء دون الكثير والإضافة التي في اناء أحدكم يلغى اعتبارها هنا لأن الطهارة لا تتوقف على ملكه وكذا قوله فليغسله لا يتوقف على أن يكون هو الغاسل وزاد مسلم والنسائي من طريق علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي صالح وأبى رزين عن أبي هريرة في هذا الحديث فليرقه وهو يقوى القول بان الغسل للتنجيس إذ المراق أعم من أن يكون ماء أو طعاما فلو كان طاهرا لم يؤمر بإراقته للنهي عن إضاعة المال لكن قال النسائي لا أعلم أحدا تابع علي بن مسهر على زيادة فليرقه وقال حمزة الكناني انها غير محفوظة وقال ابن عبد البر لم يذكرها الحفاظ من أصحاب الأعمش كابى معاوية وشعبة وقال ابن منده لا تعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه الا عن علي بن مسهر بهذا الاسناد قلت قد ورد الامر بالإراقة أيضا من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه ابن عدي لكن في رفعه نظر والصحيح انه موقوف وكذا ذكر الإراقة حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة موقوفا واسناده صحيح أخرجه الدارقطني وغيره (قوله فليغسله) يقتضى الفور لكن حمله الجمهور على الاستحباب الا لمن أراد ان يستعمل ذلك الاناء (قوله سبعا) أي سبع مرار ولم يقع في رواية مالك التتريب ولم يثبت في شئ من الروايات عن أبي هريرة الا عن ابن سيرين على أن بعض أصحابه لم يذكره وروى أيضا عن الحسن وأبى رافع عن الدارقطني وعبد الرحمن والد السدى عند البزار واختلفت الرواة عن ابن سيرين في محل غسلة التتريب فلمسلم وغيره من طريق هشام بن حسان عنه أولاهن وهى رواية الأكثر عن ابن سيرين وكذا في رواية أبى رافع المذكورة واختلف عن قتادة عن ابن سيرين فقال سعيد بن بشير عنه أولاهن أيضا أخرجه الدارقطني وقال أبان عن قتادة السابعة أخرجه أبو داود وللشافعي عن سفيان عن أيوب عن ابن سيرين أولاهن أو إحداهن وفى رواية السدى عن البزار إحداهن وكذا في رواية هشام بن عروة عن أبي الزناد عنه فطريق الجمع بين هذه الروايات ان يقال إحداهن مبهمة وأولاهن والسابعة معينة وأو إن كانت في نفس الخبر فهي للتخيير فمقتضى حمل المطلق على المقيد ان يحمل على أحدهما لان فيه زيادة على الرواية المعينة وهو الذي نص عليه الشافعي في الام والبويطي وصرح به المرعشي وغيره من الأصحاب وذكره ابن دقيق العيد والسبكي بحثا وهو منصوص كما ذكرنا وإن كانت أو شكا من الراوي فرواية من عين ولم يشك أولى من رواية من أبهم أو شك فيبقى النظر في الترجيح بين رواية أولاهن ورواية السابعة ورواية أولاهن أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية ومن حيث المعنى أيضا لان تتريب الأخيرة يقتضى الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه وقد نص الشافعي في حرملة على أن الأولى أولى والله أعلم وفى الحديث دليل على أن حكم النجاسة يتعدى عن محلها إلى ما يجاورها بشرط كونه مائعا وعلى تنجيس المائعات إذا وقع في جزء منها نجاسة وعلى تنجيس الاناء الذي يتصل بالمائع وعلى ان الماء القليل ينجس بوقوع النجاسة فيه وان لم يتغير لان ولوغ الكلب لا يغير الماء الذي في الاناء غالبا وعلى ان ورود الماء على النجاسة يخالف ورودها عليه لأنه أمر بإراقة الماء لما وردت عليه النجاسة وهو حقيقة في إراقة جميعه وأمر بغسله وحقيقته تتأدى بما يسمى
(٢٤٠)