يزيده حتى أعطاه ثمانمائة قال القرطبي كانت مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بحسب ما يحتاج إليه من تجديد عهد أو توكيد أمر فلذلك اختلفت ألفاظهم وقوله فيما استطعت رويناه بفتح التاء وضمها وتوجيههما واضح والمقصود بهذا التنبيه على أن اللازم من الأمور المبايع عليها هو ما يطاق كما هو المشترط في أصل التكليف ويشعر الامر بقول ذلك اللفظ حال المبايعة بالعفو عن الهفوة وما يقع عن خطا وسهو والله أعلم (قوله سمعت جرير بن عبد الله) المسموع من جرير حمد الله والثناء عليه فالتقدير سمعت جريرا حمد الله والباقي شرح للكيفية (قوله يوم مات المغيرة بن شعبة) كان المغيرة واليا على الكوفة في خلافة معاوية وكانت وفاته سنة خمسين من الهجرة واستناب عند موته ابنه عروة وقيل استناب جرير المذكور ولهذا خطب الخطبة المذكورة حكى ذلك العلائي في أخبار زياد والوقار بالفتح الرزانة والسكينة السكون وانما أمرهم بذلك مقدما لتقوى الله لان الغالب ان وفاة الامراء تؤدى إلى الاضطراب والفتنة ولا سيما ما كان عليه أهل الكوفة إذ ذاك من مخالفة ولاة الأمور (قوله حتى يأتيكم أمير) أي بدل الأمير الذي مات ومفهوم الغاية هنا وهو ان المأمور به ينتهى بمجئ الأمير ليس مراد ابل الموافقة (قوله الآن) أراد به تقريب المدة تسهيلا عليهم وكان كذلك لان معاوية لما بلغه موت المغيرة كتب إلى نائبه على البصرة وهو زياد أن يسير إلى الكوفة أميرا عليها (قوله استعفوا لأميركم) أي اطلبوا له العفو من الله كذا في معظم الروايات بالعين المهملة وفى رواية ابن عساكر استغفروا بغين معجمة وزيادة راء وهى رواية الإسماعيلي في المستخرج (قوله فإنه كان يحب العفو) فيه إشارة إلى أن الجزاء يقع من جنس العمل (قوله قلت أبايعك) ترك أداة العطف اما لأنه بدل من أتيت أو استئناف (قوله والنصح) بالخفض عطفا على الاسلام ويجوز نصبه عطفا على مقدر أي شرط على الاسلام والنصيحة وفيه دليل على كمال شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم (قوله على هذا) أي على ما ذكر (قوله ورب هذا المسجد) مشعر بان خطبته كانت في المسجد ويجوز أن يكون إشارة إلى جهة المسجد الحرام ويدل عليه رواية الطبراني بلفظ ورب الكعبة وذكر ذلك للتنية على شرف المقسم به ليكون أدعى للقبول (قوله لناصح) إشارة إلى أنه وفى بما بايع عليه الرسول وان كلامه خالص عن الغرض (قوله ونزل) مشعر بأنه خطب على المنبر أو المراد قعد لأنه في مقابلة قوله قام فحمد الله تعالى * (فائدة) * التقييد بالمسلم للأغلب والا فالنصح للكافر معتبر بان يدعى إلى الاسلام ويشار عليه بالصواب إذا استشار واختلف العلماء في البيع على بيعه ونحو ذلك فجزم أحمد ان ذلك يختص بالمسلمين واحتج بهذا الحديث * (فائدة أخرى) * ختم البخاري كتاب الايمان بباب النصيحة مشيرا إلى أنه عمل بمقتضاه في الارشاد إلى العمل بالحديث الصحيح دون السقيم ثم ختمه بخطبة جرير المتضمنة لشرح حاله في تصنيفه فأومأ بقوله فإنما يأتيكم الآن إلى وجوب التمسك بالشرائع حتى يأتي من يقيمها إذ لا تزال طائفة منصورة وهم فقهاء أصحاب الحديث وبقوله استعفوا لأميركم إلى طلب الدعاء له لعمله الفاضل ثم ختم بقوله استغفر ونزل فأشعر بختم الباب ثم عقبه بكتاب العلم لما دل عليه حديث النصيحة ان معظمها يقع بالتعلم والتعليم * (خاتمة) * اشتمل كتاب الايمان ومقدمته من بدء الوحي من
(١٢٩)