منها: أنه يحصل كثيرا العلم والقطع - بالقرائن الحالية أو المقالية - بأن الراوي كان ثقة في الرواية، لم يرض بالافتراء، أو برواية ما لم يكن واضحا وبينا عنده - وإن كان مذهبه فاسدا، أو فاسقا بجوارحه -.
وفيه أولا: أن دعوى حصول القطع - بالاحتفاف والاقتران - في حيز المنع، بل مجرد دعوى محضة.
وثانيا: وفور هذا النوع وكثرة القرائن محل المنع.
وثالثا: محض عدم رضا الافتراء لا يلزم [منه] أن يكون جملة ما صدر عن الثقة مطابقا [للواقع] على نحو الكلية، فرب خبر صادر عنه يكون غير مطابق للواقع.
ورابعا: التمييز بكونه ثقة إما [أن] ينشأ من ملاحظة الكتب الرجالية، أو من الخارج والتتبع في رواياته وملاحظة غاية احتياطه.
فإن كان الأول؛ فهو عين المدعى.
وإن كان الثاني؛ فيمنع بأنه مجرد فرض لم يفد العلم بالوثاقة في وقت التحمل للرواية، فبقاؤه إلى زمن الأداء من أين؟ وأنت - أيها المستدل - عليك الإثبات.
ولو سلمنا جميع ذلك؛ فحصول العلم بالمراتب بالنسبة إلى جميع الروايات الصادرة من جميع سلسلة الرواة؛ من دون مسيس الحاجة إلى علم الرجال؛ غير مسلم.
وخامسا: الوثاقة لا تلازم العصمة، فلا يبعد صدور السهو والنسيان اللذين [هما] الطبيعة الثانية للإنسان غير المعصوم.
وسادسا: حصول العلم لشخص لا يستلزم حصوله لغيره - لا عقلا ولا عادة - لإمكان تصور الانفكاك، بل ليس الانفكاك مستحيلا كما في الإجماع المنقول بالنسبة إلى الناقل والمنقول له، خصوصا بعد جواز النقل بالمعنى، وخصوصا من حيث إمكان الخطأ في المراد، وخصوصا مع احتمال أن يكون العلم - واقعا - جهلا مركبا، وهذه الاحتمالات غير بعيدة جدا.
[و] منها: [أن] تعاضد بعض الأخبار ببعض لا يوجب قطعيتها.