وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب غيره أو حفظه، فإذا وجد كلمة من غريب العربية أو غيرها وهي غير مضبوطة وأشكلت عليه جاز أن يسأل عنها أهل العلم بها، ويرويها على ما يخبرونه.
ثم إن من ليس عالما بالألفاظ ومقاصدها خبيرا بمعانيها لا تجوز له الرواية بالمعنى إجماعا بكل طرقه، ولم يعهد في ذلك خلاف من أحد، بل يتعين اللفظ الذي سمعه، فإن كان عالما بذلك قالت طائفة: لا يجوز إلا بلفظه، وجوزوه في غير حديث النبي (صلى الله عليه وآله). (1) وما عليه أهل التحقيق من العامة والخاصة هو الجواز مطلقا إذا قطع بأداء المعنى، بل هذا مما دلت عليه جملة من النصوص (2)، وقد قدمنا ما يدل على ذلك.
وقال جمع من العامة: " وهذا كله في غير المصنفات، وأما المصنف فلا يجوز تغيير لفظه أصلا وإن كان بمعناه ". (3) وأنت خبير بما فيه؛ إذ الأصل يقتضي الجواز ولا معارض له؛ فتأمل.
ثم اعلم أن الحديث إذا كان عن اثنين أو أكثر واتفقا في المعنى دون اللفظ، فله جمعهما في الإسناد ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما فيقول: " أخبرنا فلان وفلان واللفظ فلان " أو " هذا لفظ فلان: قال أو قالا: أخبرنا فلان " ونحوه من العبارات.
قال جمع منهم: و " لمسلم في هذا الباب عبارة حسنة كقوله: " حدثنا أبو بكر و أبو سعيد كلاهما عن أبي خالد، قال أبو بكر: حدثنا أبو خالد عن الأعمش " فظاهره أن اللفظ لأبي بكر فإن لم يخص فقال: " أخبرنا فلان وفلان وتقاربا في اللفظ قالا: حدثنا فلان " جاز على جواز الرواية بالمعنى، فإن لم يقل: " تقاربا " فلا بأس به على جواز الرواية بالمعنى، وإن كان هذا قد عيب به جمع منهم.
وإذا سمع من جماعة مصنفا فقابل نسخته بأصل بعضهم ثم رواه عنهم وقال: