الأخلاق ومحاسن الشيم، وهو من علوم الآخرة فمن حرمه - استجير بالله تعالى من ذلك - فقد حرم خيرا عظيما، ومن رزقه بشروطه فقد نال فضلا جزيلا وأجرا كبيرا و فاز فوزا عظيما.
وليسأل الله تعالى حامل الأحاديث التوفيق والتسديد والتيسير، وليستعمل الأخلاق الجميلة والآداب المرضية والشيم الحميدة والأطوار الحسنة. ثم ليفرغ جهده في تحصيله ويغتنم إمكانه.
ومن جملة الآداب أن يبدأ من أرجح شيوخ بلده عقلا وورعا وزهدا وعلما و دينا وعملا فإذا فرغ من مهماتهم فليرحل على عادة المحدثين المبرزين من الحفاظ و غيرهم، ولا يحملنه الإعجاب بما عنده على التساهل في التحمل والإتقان والإكمال فيخل بشيء من شروطه.
وينبغي بل قد يجب أن يستعمل ما يسمعه من أحاديث الاعتقادات والعبادات و الآداب ومكارم الأخلاق، ولا سيما الأحاديث المتظافرة المتسامعة الواردة في فضائل آل الرسول (صلى الله عليه وآله) أهل بيت العصمة والرحمة ومناقبهم، وهكذا ما ورد في ذم أعدائهم و كفر وزندقة مخالفيهم ومبغضيهم.
وبالجملة: فإن ذلك الاستعمال من قبيل الألطاف المؤكدة المسددة للتكاليف المستقل فيها العقل وزكاة الحديث، ومما يوجب حفظه.
ثم إن من جملة الآداب المرضية والأمور المرعية أن يعظم أهل العلم والحديث، ولا سيما شيوخه ومن يسمع منهم فذلك في الحقيقة من إجلال العلم وأسباب الانتفاع، ويعتقد جلالة شيوخه، ويتحرى رضاهم، ولا يطول عليهم بحيث يضجرهم وليستشرهم في أموره، وما يشتغل فيه وكيفية اشتغاله.
وينبغي له إذا ظفر بسماع أن يرشد إليه غيره؛ فإن كتمانه من الأمور القبيحة عقلا و شرعا بل إنه يخاف على كاتمه عدم الانتفاع؛ فإن من بركة الحديث إفادته وبنشره ينمى.