النقل بالمعنى مطلقا ومنهم من منع من ذلك مع تجويزه النقل بالمعنى إذا لم يكن قد رواه على التمام مرة أخرى ولم يعلم أن غيره قد رواه على التمام ومنهم من جوز ذلك وأطلق ولم يفصل وقد روينا عن مجاهد أنه قال انقص من الحديث ما شئت ولا تزد فيه والصحيح التفصيل وأنه يجوز ذلك من العالم العارف إذا كان ما تركه متميزا عما نقله غير متعلق به بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه فهذا ينبغي أن يجوز وإن لم يجز النقل بالمعنى لان الذي نقله والذي تركه والحالة هذه بمنزلة خبرين منفصلين في أمرين لا تعلق لأحدهما بالآخر ثم هذا إذا كان رفيع المنزلة بحيث لا يتطرق إليه في ذلك تهمة نقلة أولا تماما ثم نقله ناقصا أو نقله أولا ناقصا ثم نقله تاما فأما إذا لم يكن كذلك فقد ذكر الخطيب الحافظ أن من روى حديثا على التمام وخاف إن رواه مرة أخرى على النقصان أن يتهم بأنه زاد في أول مرة ما لم يكن سمعه أو أنه نسي في الثاني باقي الحديث لقلة ضبطه وكثرة غلطه فواجب عليه أن ينفي هذه الظنة عن نفسه وذكر الإمام أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي الفقيه أن من روى بعض الخبر ثم أراد أن ينقل تمامه وكان ممن يتهم بأنه زاد في حديثه كان ذلك عذرا له في ترك الزيادة وكتمانها قلت من كان هذا حاله فليس له من الابتداء أن يروي الحديث غير تام إذا كان قد تعين عليه أداء تمامه لأنه إذا رواه أولا ناقصا أخرج باقيه الاحتجاج عن حيز الاحتجاج به ودار بين أن لا يرويه أصلا فيضيعه رأسا وبين أن يرويه متهما فيه فيضيع ثمرته لسقوط الحجة فيه والعلم عند الله تعالى وأما تقطيع المصنف متن الحديث الواحد وتفريقه في الأبواب فهو إلى الجواز أقرب ومن المنع أبعد وقد فعله مالك والبخاري وغير واحد من أئمة الحديث ولا يخلو من كراهية والله أعلم الثامن ينبغي للمحدث أن لا يروي حديثه بقراءة لحان أو مصحف روينا عن النضر بن شميل قال جاءت هذه الأحاديث عن الأصل معربة وأخبرنا أبو بكر بن أبي المعالي الفراوي قراءة عليه أخبرنا الإمام أبو جدي أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي أنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي أنا الإمام أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي حدثني محمد بن معاذ قال أنا بعض أصحابنا عن أبي داود السنجي قال سمعت الأصمعي يقول إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه قلت فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من شين
(١٣٧)