قيل له: فما ترى من أغنامنا في متصدق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا نقول:
بعناها فيبعناها، فما ترى في شرائها منه؟ قال: " إن كان أخذها وعزلها فلا بأس ".
قيل له: فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا فيأخذ حظه فيعزل بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال: " إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه بغير كيل " (1).
ومنها ما رواه الشيخ أيضا بإسناده عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه: " أن الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية " (2).
قلت: قد علم أن موضع الشبهة حقيق بالاجتناب، والإمام عليه السلام لا يواقعها، وما كان قبولهما عليهما السلام لجوائز إلا لما لهما من الحق في بيت المال.
مع أن تصرفه كان بغير رضى منهم عليهم السلام، فتناولهما حقهما عليهما السلام المرتب على تصرفه دليل على جواز ذلك لذوي الحقوق في بيت المال من المؤمنين نظرا إلى التأسي.
وقد نبه شيخنا في الدروس على المعنى، وفرق بين الجائزة من الظالم وبين أخذ الحق الثابت في بيت المال أصالة، فإن ترك قبول الأول أفضل، بخلاف الثاني (3).
ومثل هذه الأخبار كثيرة لمن تتبع وحصره ولسنا بصدد ذلك، فإن في هذه غنية في الدلائل على المطلوب عن السعي في تتبع ما سواها، وكون بعضها قد يعتري بعض رجال إسناده طعن أو جهالة غير قادح في شئ منها بوجه من الوجوه على أن أسانيد كثير منها صحيحة كما قدمناه.