فاحسم مؤونة (109) أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال، ولا تقطعن لاحد من خاصتك (110) وحامتك قطيعة، ولا يطمعن منك في اعتقاد عقدة، تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك، يحملون مؤونته على غيرهم، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك، وعيبه عليك في الدنيا والآخرة، والزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا محتسبا، واقعا ذلك من قرابتك وخواصك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فان مغبة ذلك محمودة، وان ظنت الرعية بك حيفا فاصحر (111) لهم بعذرك، واعدل عنهم ظنونهم باصحارك، فإن في ذلك (112) اعذارا تبلغ فيه حاجتك من تقويمهم على الحق، ولا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك، لله فيه رضى، فان في الصلح دعة لجنودك، وراحة من همومك، وامنا لبلادك، ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه، فان العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم واتهم في ذلك حسن الظن، وان عقدت بينك وبين عدو لك عقدة، أو ألبسته منك ذمة، فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله سبحانه شئ الناس عليه أشد اجتماعا، مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم، من تعظيم الوفاء بالعهود، وقد التزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين، لما استوبلوا (113) من عواقب الغدر، فلا تغدرن بذمتك، ولا تخيسن (114) بعهدك، ولا تختلن عدوك، فإنه لا يجترئ على الله الا جاهل شقي، وقد جعل الله عهده وذمته، امنا أفضاه بين العباد برحمته، وحريما يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى جواره، فلا ادغال ولا مدالسة ولا خداع فيه، ولا تعقد عقدا يجوز فيه العلل، ولا تعولن على لحن قول بعد التأكيد والتوثقة، ولا يدعونك ضيق امر
(١٧٠)