في امر غيرك، وتشقيها في نعيم من لا ينظر لك، [ولذات] (8) من لا يألم لألمك، اذكر الموت وما تنظر من فجأة نقماته، ولا تأمن من عاجل نزوله بك، وأكثر ذكرك زوال امر الدنيا، وانقلاب دهرها، وما قد رأيت من تغير حالاتها بك وبغيرك، انك كنت حديثا من عرض الناس، وكنت تعيب بذبح الملوك وتجبرهم في سلطانهم، وتكبرهم على رعيتهم، وتسرعهم إلى السطوة، وافراطهم في العقوبة، وتركهم العفو والرحمة، وسوء ملكتهم، ولزوم (9) غلبتهم، وجفوتهم لمن تحت أيديهم، وقلة نظرهم في امر معادهم، وطول غفلتهم عن الموت، وطول رغبتهم في الشهوات، وقلة ذكرهم للخطيئات (10)، وتفكرهم في نقمات الجبار، وقلة انتفاعهم بالعبر، وطول أملهم (11) للغير، وقلة اتعاظهم بما جرى عليهم من صروف التجارب، ورغبتهم في الاخذ وقلة اعطائهم للواجب، وطول قسوتهم على الضعفاء، والايثار لخواصهم والاستئثار، والاغماض ولزوم الاصرار، وغفلتهم عما خلقوا له، واستخفافهم بما أمروا (12) وتضييعهم لما حملوا، أفنصيحة كانت عيب ذلك منك عليهم واستقباحه منهم؟ أو نفاسة لما كانوا فيه عليهم؟ فإن كان ذلك نصيحة، فأنت اليوم أولى بالنصيحة لنفسك، وان كانت نفاسة، فهل معك أمان من سطوات الله؟ أم عندك منعة تمتنع بها من عذاب الله؟ أم استغنيت بنعمة الله عليك عن تحري رضاه؟ أو قويت بكرامته إياك على الاصحار (13) لسخطه، والاصرار على معصيته؟ أم هل لك مهرب يحرزك منه؟ أم (14) رب غيره تلجأ إليه؟ أم لك صبر على احتمال نقماته؟ أم أصبحت ترجو دائرة من دوائر الدهور تخرجك من قدرته إلى قدرة غيره!؟ فأحسن النظر في
(١٤٤)