عليه وضابطه انه متى أطلق الفقراء أو المساكين تناول الصنفين وإن جمعا أو ذكر أحدهما ونفى الآخر وجب التمييز حينئذ ويحتاج عند ذلك إلى بيان النوعين أيهما أسوأ حالا والمشهور عندنا وهو الذي نص عليه الشافعي وجماهير أصحابنا المتقدمين والمتأخرين ان الفقير أسوأ حالا كما ذكره المصنف وبهذا قال خلائق من أهل اللغة (أما) حقيقة المسكين فقال الشافعي والأصحاب هو من يقدر على ما يقع موقعا من كفايته ولا يكفيه قال أصحابنا مثاله يحتاج إلى عشرة ويقدر على ثمانية أو سبعة وسبق في فصل الفقير ان القدرة على الكسب كالقدرة على المال وتقدم بيان الكسب المعتبر والمال المعتبر وان الفقير والمسكين يعطيان تمام كفايتها وسبق كيفية اعطاء الكفاية وجميع الفروع السابقة لا فرق فيها بين الفقير والمسكين قال أصحابنا وسواء كان المال الذي يملكه المسكين نصابا أو أقل أو أكثر إذا لم يبلغ كفايته فيعطى تمام الكفاية * وقال أبو حنيفة لا يعطى من يملك نصابا * دليلنا ان هذا لا أصل له والنصوص مطلقة فلا يقبل تقييدها إلا بدليل صحيح ولو ادعى الفقير أو المسكين عيالا وطلب ان يعطى كفايته وكفايتهم فهل يقبل قوله في العيال بغير بينة أم لا بد من البينة فيه وجهان مشهوران حكاهما الشيخ أبو حامد وصاحب البيان وآخرون (أصحهما) لا يعطي إلا ببينة لامكانها وبهذا قطع المصنف والأكثرون * قال المصنف رحمه الله تعالى * (وسهم للمؤلفة وهم ضربان مسلمون وكفار فأما الكفار فضربان ضرب يرجي خير وضرب يخاف شره وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم وهل يعطون بعده فيه قولان (أحدهما) يعطون لان المعنى الذي به أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم قد يوجد بعده (والثاني) لا يعطون لان الخلفاء رضي الله عنهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعطوهم وقال عمر رضي الله عنه " انا لا نعطي على الاسلام شيئا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليفكر " فإذا قلنا إنهم يعطون فإنهم لا يعطون من الزكاة لان الزكاة لا حق فيهما للكفار وإنما يعطون من سهم المصالح وأما المسلمون فهم أربعة اضرب (أحدها) قوم لهم شرف فيعطون ليرغب نظراؤهم في الاسلام لان النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبرقان بن بدر وعدي بن حاتم (والثاني) قوم أسلموا ونيتهم في الاسلام ضعيفة فيعطون لتقوى نيتهم لان النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا سفيان بن حرب وصفوان ابن أمية والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن لكل أحد منهم مائة من الإبل وهل يعطى هذان الفريقان بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيه قولان (أحدهما) لا يعطون لان الله تعالى أعز الاسلام فأغنى عن التألف بالمال (والثاني) يعطون لان المعنى الذي به أعطوا قد يوجد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ومن أين يعطون فيه قولان (أحدهما) من
(١٩٧)