الخطيب البغدادي في المبهمات غيره واتفق الشافعي والأصحاب على الاستدلال بهذا الحديث في هذه المسألة وهي مفارقة الامام والبناء على ما صلى معه لكن احتج به الشافعي في الأم والشيخ أبو حامد وآخرون على المفارقة بغير عذر قالوا وتطويل القراءة ليس بعذر واحتج المصنف وآخرون على المفارقة بعذر وجعلوا طول القراءة عذرا وعلى التقديرين في الاستدلال به اشكال لأنه ليس فيه تصريح بأنه فارقه وبنى على صلاته بل ثبت في صحيح مسلم في رواية انه استأنف الصلاة ولفظ روايته قال " افتتح معاذ بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف " وهذا لفظه بحروفه وفيه تصريح بأنه لم يبن بل قطع الصلاة ثم استأنفها فلا يحصل منه دلالة للمفارقة والبناء وقد أشار البيهقي إلى الجواب عن هذا الاشكال فقال لا أدرى هل حفظت هذه الزيادة التي في مسلم لكثرة من روى هذا الحديث عن سفين دون هذه الزيادة وإنما انفرد بها محمد بن عباد عن سفيان وهذا الجواب فيه نظر لأنه قد تقرر وعلم أن المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور من أصحاب الحديث والفقه والأصول قبول زيادة الثقة لكن يعتضد قول البيهقي بما قررناه في علوم الحديث ان أكثر المحدثين يجعلون مثل هذه الزيادة شاذا ضعيفا مردودا فالشاذ عندهم أن يرووا ما لا يرويه سائر الثقات سواء خالفهم أم لا ومذهب الشافعي وطائفة من علماء الحجاز أن الشاذ ما يخالف الثقات اما ما لا يخالفهم فليس بشاذ بل يحتج به وهذا هو الصحيح وقول المحققين فعلى قول أكثر المحدثين هذه اللفظة شاذة لا يحتج بها كما أشار إليه البيهقي ويؤيده ان في رواية الإمام أحمد ابن حنبل في مسنده في هذا الحديث من رواية أنس " ان هذا الرجل دخل المسجد مع القوم فلما رأى معاذا طول تجوز في صلاته ولحق بنخله يسقيه فلما قضي معاذا الصلاة قيل له ذلك قال إنه لمنافق تعجل عن الصلاة من أجل شقى نخله " واما قول المصنف لأنهما صلاتان مختلفتان في الحكم فاحتراز ممن نوى القصر ثم الاتمام فإنه تصح صلاته لأنهما صلاتان ليستا مختلفتين في الحكم وإن كانتا مختلفتين في العدد: اما حكم المسألة فقال أصحابنا إذا أخرج المأموم نفسه عن متابعة الامام نظر ان فارقه ولم ينو المفارقة وقطع القدوة بطلت صلاته بالاجماع ومن نقل الاجماع فيه الشيخ أبو حامد وان نوى مفارقته وأتم صلاته منفردا بانيا علي ما صلي مع الامام فالمذهب وهو نصه في الجديد صحت صلاته مع الكراهة وفيه قول ثان أنها لا تبطل مطلقا حكاه الخراسانيون وقول ثالث قديم تبطل إن لم يكن له عذر وإلا فلا قال امام الحرمين
(٢٤٦)