" سجدت بها خلف أبى القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال اسجد فيها حتى ألقاه " وفى رواية مسلم في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك ومعلوم أن أبا هريرة إنما أسلم سنة سبع من الهجرة وقد سبق أن حديث ابن عباس في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في المفصل منذ تحول إلى المدينة ليس بصحيح ولو صح قدمت عليه أحاديث أبي هريرة الصحيحة الصريحة المثبتة للسجود والعمدة في السجدة الثانية في الحج حديث عمرو بن العاص كما ذكرناه وأما حديث عقبة بن عامر قال " قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج سجدتان قال نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما " فرواه أبو داود والترمذي وقالا ليس اسناده بالقوى وهو من رواية ابن لهيعة وهو متفق على ضعف روايته وإنما ذكرته لأبينه لئلا يغتر به وعن ابن عباس قال سجدة ص ليس من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها رواه البخاري وفيها حديث أبي سعيد المذكور في الكتاب وقد بيناه والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * (وحكم سجود التلاوة حكم صلاة النفل يفتقر إلى الطهارة والستارة واستقبال القبلة لأنها صلاة في الحقيقة فإن كان في الصلاة سجد بتكبير ورفع بتكبير ولا يرفع يديه وإن كان السجود في آخر سورة فالمستحب ان يقوم ويقرأ من السورة بعدها شيئا ثم يركع فان قام ولم يقرأ شيئا وركع جاز وان قام من السجود إلى الركوع ولم يقم لم يجز لأنه يبتدئ الركوع من قيام) * (الشرح) قال أصحابنا حكم سجود التلاوة في الشروط حكم صلاة النفل فيشترط فيه طهارة الحدث والطهارة عن النجس في البدن والثوب والمكان وستر العورة واستقبال القبلة ودخول وقت السجود بأن يكون قد قرأ الآية أو سمعها فلو سجد قبل الانتهاء إلى آخر آية السجدة ولو بحرف واحد لم يجز وهذا كله لا خلاف فيه عندنا وقول المصنف الستارة بكسر السين وهي السترة أي ستر العورة قال أصحابنا فان سجد للتلاوة في الصلاة لم يكبر للافتتاح لأنه متحرم بالصلاة لكن يستحب أن يكبر في الهوى إلى السجود ولا يرفع اليد لان اليد لا ترفع في الهوى إلى السجود ويكبر عند رفعه رأسه من السجود كما يفعل في سجدات الصلاة وهذا التكبير سنة ليس بشرط وفيه وجه لأبي على ابن أبي هريرة حكاه الشيخ أبو حامد وسائر أصحابنا عنه انه لا يستحب التكبير للهوى ولا للرفع وهو شاذ ضعيف وإذا رفع رأسه من السجود قام ولا يجلس للاستراحة بلا خلاف صرح به جماعة من أصحابه وقد سبق بيانه في صفة الصلاة قال أصحابنا فإذا قام استحب ان يقرا شيئا ثم يركع فان انتصب قائما ثم ركع بلا قراءة جاز إذا كان قد قرا الفاتحة قبل سجوده ولا خلاف في وجوب الانتصاب قائما لان الهوى إلى الركوع من القيام واجب
(٦٣)