للحث على التبكير إليها والترغيب في فضيلة السبق وتحصيل فضيلة الصف الأول وانتظارها والاشتغال بالتنفل والذكر ونحوه وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال شئ منه ولا فضيلة للمجئ بعد الزوال لان النداء يكون حينئذ ويحرم التأخير عنه وقد ثبت عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة لا يوجد مسلم يسأل الله شيئا إلا آتاه الله عز وجل فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر " رواه أبو داود والنسائي بهذه الحروف باسناد صحيح قال الحاكم هو صحيح على شرط مسلم فهذا الحديث صريح في المسألة (وأما احتجاجهم) بلفظ الرواح (فجوابه) من وجهين (أحدهما) لا نسلم أنه مختص بما بعد الزوال فقد أنكر الأزهري ذلك وغلط قائله فقال في شرح ألفاظ المختصر معنى راح مضى إلى المسجد قال ويتوهم كثير من الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار وليس ذلك بشئ لان الرواح والغدو عند العرب مستعملان في السير أي وقت كان من ليل أو نهار يقال راح في أول النهار وآخره وتروح وغدا بمعناه هذا لفظ الأزهري وذكر غيره مثله (والجواب الثاني) أنه لو سلم أن حقيقة الرواح بعد الزوال وجب حمله هنا على ما قبله مجازا لما ذكرناه من الدلائل الظاهرة قال الخطابي في شرح هذا الحديث معنى راح قصد الجمعة وتوجه إليها مبكرا قبل الزوال قال وإنما تأولناه هكذا لأنه لا يتصور أن يبقى بعد الزوال خمس ساعات في وقت الجمعة قال وهذا شائع في الكلام تقول راح فلان بمعنى قصد وإن كان حقيقة الرواح بعد الزوال والله أعلم * (فرع) من جاء في أول ساعة من هذه الساعة ومن جاء في آخرها مشتركان في تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو غيرهما ولكن بدنة الأول أكمل من بدنة من جاء في آخر الساعة وبدنة المتوسط متوسطة وهذا كما أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة ومعلوم أن الجماعة تطلق على اثنين وعلى ألوف فمن صلي في جماعة هم عشرة آلاف له سبع وعشرون درجة ومن صلي مع اثنين له سبعة وعشرون درجة لكن درجات الأول أكمل وأشباه هذا كثيرة هذا هو الراجح المختار وقال الرافعي ليس المراد على الأوجه الثلاثة بالساعات الأربع والعشرين
(٥٤١)