(الشرح) حديث أبي قتادة صحيح رواه البخاري ومسلم بمعناه من طرق منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين " هذا لفظ البخاري ومسلم والمراد بالسجدتين في رواية المصنف ركعتان وقد تكررت الأحاديث الصحيحة بمثل ذلك وأما حديث " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة " فرواه مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه * أما حكم المسألة فاجمع العلماء على استحباب تحية المسجد ويكره أن يجلس من غير تحية بلا عذر لحديث أبي قتادة المصرح بالنهي وسواء عندنا دخل في وقت النهي عن الصلاة أم في غيره كما سنوضحه بدليله في بابه إن شاء الله تعالى قال أصحابنا وتحية المسجد ركعتان للحديث فان صلي أكثر من ركعتين بتسليمة واحدة جاز وكانت كلها تحية لاشتمالها على الركعتين ولو صلى على جنازة أو سجد لتلاوة أو شكر أو صلي ركعة واحدة لم تحصل التحية لصريح الحديث الصحيح هذا هو المذهب وحكي الرافعي وجها أنها تحصل لحصول عبادة واكرام المسجد والصواب الأول وإذا جلس والحالة هذه كان مرتكبا للنهي قال أصحابنا ولا يشترط ان ينوى بالركعتين التحية بل إذا صلي ركعتين بنية الصلاة مطلقا أو نوى ركعتين نافلة راتبة أو غير راتبة أو صلاة فريضة مؤداة أو مقضية أو منذورة أجزأه ذلك وحصل له ما نوى وحصلت تحية المسجد ضمنا ولا خلاف في هذا قال أصحابنا وكذا لو نوى الفريضة وتحية المسجد أو الراتبة وتحية المسجد حصلا جميعا بلا خلاف وأما قول الرافعي في الصورة الأولى أنه يجوز أن يطرد فيه الخلاف فيمن نوى بغسله الجنابة هل تحصل الجمعة وقول الشيخ أبي عمرو بن الصلاح في الصورة الثانية أنه ينبغي أن يطرد فيها الخلاف فيمن نوى بغسله الجنابة والجمعة فليس كما قالا ولم يذكر أحد من أصحابنا هذا الذي ذكراه بل كلهم مصرحون بحصول الصلاة في الصورتين وحصول التحية فيهما وبأنه لا خلاف فيه ويفارق مسألة غسل الجمعة لأنها سنة مقصودة وأما التحية فالمراد بها أن لا ينتهك المسجد بالجلوس بغير صلاة والله أعلم * (فرع) لو تكرر دخوله في المسجد في الساعة الواحدة مرارا قال صاحب التتمة تستحب التحية لكل مرة وقال المحاملي في اللباب أرجو أن تجزيه التحية مرة واحدة والأول أقوى وأقرب إلى ظاهر الحديث
(٥٢)