والصواب ان نية الإمامة لا تجب ولا تشترط لصحة الاقتداء وبه قطع جماهير أصحابنا وسواء اقتدى به رجال أم نساء لكن يحصل فضيلة الجماعة للمأمومين وفى حصولها للامام ثلاثة أوجه (أصحها) وأشهرها لا تحصل وبه قطع الشيخ أبو محمد الجويني والفوراني وآخرون لان الأعمال بالنيات (والثاني) تحصل لأنها حاصله لمتابعيه فوجب ان تحصل له (والثالث) قاله القاضي حسين ان علمهم ولم ينو الإمامة لم تحصل وإن كان منفردا ثم اقندوا به ولم يعلم اقتداءهم حصل له ثواب الجماعة قال الرافعي ومن فوائد الخلاف انه إذا لم ينو الإمامة في صلاة الجمعة هل تصح جمعته فالأصح انها لا تصح ولو نوى الإمامة وعين المقتدى فبان خلافه لم يضر لان غلطه لا يزيد على ترك النية ولأنه لا يربط صلاته بصلاته والله أعلم * (فرع) في مذاهب العلماء في نية الإمامة: ذكرنا أن المشهور من مذهبنا انه لا يشترط لصحة الجماعة وبه قال مالك وآخرون وقال الأوزاعي والثوري واسحق تجب وعن أحمد روايتان كالمذهبين وقال أبو حنيفة وصاحباه ان صلى برجل لم تجب وان صلى بامرأة أو نساء وجبت * * قال المصنف رحمه الله * (وتسقط الجماعة بالعذر وهو أشياء منها المطر والوحل والريح الشديدة في الليلة المظلمة والدليل عليه ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال " كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وكانت ليلة مظلمة أو مطيرة نادى مناديه ان صلوا في رحالكم) * (الشرح) حديث ابن عمر رواه البخاري ومسلم ولفظ رواية البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول على أثره الا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " وفى رواية لمسلم " يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول الا صلوا في الرحال " قال الأزهري وغيره الرحال المنازل سواء كانت من مدر أو شعر ووبر أو غير ذلك وتقدم في باب الأذان أن هذا الكلام يقال في أثناء الأذان أم بعده والوحل - بفتح الحاء - على اللغة المشهورة قال الجوهري يقال باسكانها في لغة رديئة * اما حكم المسألة فقال أصحابنا تسقط الجماعة بالاعذار سواء قلنا إنها سنة أم فرض كفاية أم فرض عين لأنا وان قلنا إنها سنة فهي سنة متأكدة يكره تركها كما سبق بيانه فإذا تركها لعذر زالت الكراهة وليس معناه أنه إذا ترك الجماعة لعذر تحصل له فضيلتها بل لا تحصل له فضيلتها بلا شك وإنما معناه سقط الاثم والكراهة واتفق أصحابنا على
(٢٠٣)