(فرع) في مذاهبهم في صلاة الجمعة إذا خرج وقت الظهر وهم فيها * قد ذكرنا أن مذهبنا أنها تفوت الجمعة ويتمونها ظهرا * وقال أبو حنيفة تبطل ويستأنفون الظهر وقال عطاء يتمها جمعة وقال أحمد إن كان صلي منها ركعة أتمها جمعة وإن كان أقل يتمها ظهرا * * قال المصنف رحمه الله * (ولا تصح الجمعة حتى يتقدمها خطبتان لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صلوا كما رأيتموني أصلي " ولم يصل الجمعة إلا بخطبتين وروى ابن عمر قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة خطبتين يجلس بينهما " ولان السلف قالوا إنما قصرت الجمعة لأجل الخطبة فإذا لم يخطب رجع إلى الأصل ومن شرط الخطبة العدد الذي تنعقد به الجمعة لقوله تعالي (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) والذكر الذي يفعل بعد النداء هو الخطبة ولأنه ذكر شرط في صحة الجمعة فشرط فيه العدد كتكبيرة الاحرام فان خطب بالعدد ثم انفصوا وعادوا قبل الاحرام فإن لم يطل القصل صلى الجمعة لأنه ليس بأكثر من الصلاتين المجموعتين ثم الفصل اليسير لا يمنع الجمع فكذلك لا يمنع الجمع بين الخطبة والصلاة وإن طال الفصل قال الشافعي رحمه الله أحببت ان يبتدئ الخطبة ثم يصلى بعدها الجمعة فإن لم يفعل صلى الظهر واختلف أصحابنا فيه فقال أبو العباس تجب إعادة الخطبة ثم يصلى الجمعة لان الخطبة مع الصلاة كالصلاتين المجموعتين فكما لا يجوز الفصل الطويل بين الصلاتين لم يجز بين الخطبة والصلاة وما نقله المزني لا يعرف وقال أبو إسحاق يستحب أن يعيد الخطبة لأنه لا يأمن أن يفضوا مرة أخرى فجعل ذلك عذرا في جواز البناء وأما الصلاة فإنها واجبة لأنه يقدر على فعلها فان صلى بهم الظهر جاز بناء على أصله إذا اجتمع أهل بلد على ترك الجمعة ثم صلوا الظهر أجزأهم وقال بعض أصحابنا يستحب إعادة الخطبة والصلاة على ظاهر النص لأنهم انفضوا عنه مرة فلا يأمن أن ينفضوا عنه ثانيا فصار ذلك عذرا في ترك الجمعة) * (الشرح) حديث " صلوا كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري من رواية مالك بن الحويرث وسبق في صفة الصلاة وحديث ابن عمر رواه البخاري ومسلم (وقوله) ولأنه ذكر احتراز من ستر العورة وغيره من الشروط فإنه لا يشترط له العدد وقوله شرط في صحة الجمعة احتراز من الأذان * أما الأحكام فمسألة الانفضاض إلى آخرها فسبق شرحها وبيان الاختلاف فيها في مسألة الانفضاض في الصلاة واتفقت نصوص الشافعي وطرق الأصحاب على أن الجمعة لا تصح حتى يتقدمها خطبتان ومن شرطها العدد وفرقوا بين الجمعة والعيد حيث كانت خطبة الجمعة قبلها والعيد بعده لان خطبة
(٥١٣)