والواجب منه قدر الطمأنينة هذا هو الصحيح المشهور نص عليه الشافعي وقطع به وفيه وجه أنه يشترط كونه قدر سورة الاخلاص حكاه الرافعي قال وحكي بعضهم أيضا عن نص الشافعي وهو ضعيف قال أصحابنا فان خطب قاعدا للعجز فصل بينهما بسكتة ولا يجوز أن يضطجع والمشهور الذي قطع به الجمهور أن هذه السكتة واجبة ليحصل الفصل وذكر الماوردي وغيره وجها أنها لا تجب وأنه لو وصل كلامه في الخطبتين صحتا لأنه تخلله سكتات غير مقصودة وقال القاضي أبو الطيب تستحب هذه السكتة وحكي الرافعي وجها أنه لو خطب قائما كفاه الفصل بسكتة غير جلوس وهو شاذ مردود * (فرع) ذكرنا أن مذهبنا وجوب القيام في الخطبتين والجلوس بينهما ولا تصح الا بهما * وقال مالك وأبو حنيفة واحمد تصح قاعدا مع القدرة قالوا والقيام سنة وكذا الجلوس بينهما سنة عندهم وبه قال جمهور العلماء حتى أن الطحاوي قال لم يقل أحد غير الشافعي باشتراط الجلوس بينهما قال القاضي عياض وعن مالك رواية أن الجلوس بينهما شرط وكذا القيام دليلنا انه صلى الله عليه وسلم قال " صلوا كما رأيتموني أصلي " مع الأحاديث الصحيحة المشهورة انه صلى الله عليه وسلم " كان يخطب خطبتين قائما يجلس بينهما " * قال المصنف رحمه الله تعالى * (وهل يشترط فيها الطهارة فيه قولان قال في القديم تصح من غير طهارة لأنه لو افتقر إلى الطهارة لافتقر إلى استقبال القبلة كالصلاة وقال في الجديد لا تصح من غير طهارة لأنه ذكر شرط في الجمعة فشرط فيه الطهارة كتكبيرة الاحرام) * (الشرح) قال أصحابنا هل يشترط لصحة الخطبة ستر العورة والطهارة عن الحدث والطهارة عن النجاسة في البدن والثوب والمكان فيه قولان (الصحيح) الجديد اشتراط ذلك كله (والقديم) لا يشترط شئ من ذلك بل يستحب ودليلهما في الكتاب ثم إن الجمهور أطلقوا القولين في اشتراط طهارة الحدث وقال البغوي القولان في الطهارة عن الحدث الأصغر فان خطب جنبا لم تصح قولا واحدا لان القراءة في الخطبة واجبة ولا تحسب قراءة الجنب وصرح المتولي والرافعي في المحرر يجريان القولين في المحدث والجنب وهذا هو الصواب وقد قطع الشيخ أبو حامد في تعليقه وصاحب الحاوي فيه وآخرون من الأصحاب بأنه لو كان إمام الجمعة جنبا ولم يعلم المأمومون ثم علموا بعد فراغها أجزأتهم ونقله الشيخ أبو حامد والأصحاب عن نص الشافعي في الأم وقد أهمل المصنف ذكر ستر العورة والقولان فيه مشهوران وقد ذكرهما هو في التنبيه وقال أبو يوسف باشتراط الطهارة * وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود لا تشترط * دليلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يخطب
(٥١٥)