(فرع) قال أصحابنا مما يلحق بسفر المعصية ان يتعب نفسه ويعذب دابته بالركض لغير غرض قال الصيدلاني وغيره وهو حرام ولو أنتقل من بلد إلى بلد بلا غرض صحيح لم يترخص قال الشيخ أبو محمد السفر لمجرد رؤية البلاد ليس بغرض صحيح فلا يترخص * (فرع) في مذاهب العلماء: مذهبنا جواز القصر في كل سفر ليس معصية سواء الواجب والطاعة والمباح كسفر التجارة ونحوها ولا يجوز في سفر معصية وبهذا قال مالك واحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وقال ابن مسعود لا يجوز القصر إلا في سفر حج أو غزو وفى رواية عنه لا يجوز إلا في سفر واجب وعن عطاء رواية انه لا يجوز الا في سفر طاعة ولا يشترط كونه واجبا ورواية كمذهبنا وقال الأوزاعي وأبو حنيفة والثوري والمزني يجوز القصر في سفر المعصية وغيره دليلنا على الأولين اطلاق النصوص وعلى الآخرين قوله تعالي (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم) وأيضا ما ذكره المصنف وجميع رخص السفر لها حكم القصر في هذا فلا يستبيح العاصي بسفره شيئا حتى يتوب ومنها اكل الميتة وجوزه له أبو حنيفة: دليلنا الآية * * قال المصنف رحمه الله * (ولا يجوز القصر إلا أن يفارق موضع الإقامة لقوله تعالى (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) فعلق القصر على الضرب في الأرض فإن كان من أهل بلد لم يقصر حتى يفارق بنيان البلد فان اتصل حيطان البساتين بحيطان البلد ففارق بنيان البلد جاز له القصر لان البساتين ليست من البلد وإن كان من قرية وبجنبها قرية ففارق قريته جاز له القصر وقال أبو العباس إن كانت القريتان متقاربتين فهما كالقرية الواحدة فلا يقصر حتى يفارقهما والمذهب الأول لان احدى القريتين منفردة عن الأخرى وإن كان من أهل الخيام فإن كانت خياما مجتمعة لم يقصر حتى يفارق جميعها وإن كانت متفرقة قصر إذا فارق ما يقرب من خيمته قال في البويطي فان خرجوا من البلد وأقاموا في موضع حتى يجتمعوا ويخرجوا لم يجز لهم القصر لأنهم لم يقطعوا بالسفر وان قالوا ننتظر يومين وثلاثة فإن لم يجتمعوا سرنا جاز لهم ان يقصروا لأنهم قطعوا بالسفر *
(٣٤٦)