(فرع) في مذاهب العلماء فيمن دخل المسجد يوم الجمعة والامام يخطب * مذهبنا أنه يستحب له أن يصلي ركعتين تحية المسجد ويخففهما ويكره له تركهما وبه قال الحسن البصري ومكحول والمقبري وسفيان بن عيينة وأبو ثور والحميدي واحمد وإسحق وابن المنذر وداود وآخرون وقال عطاء بن أبي رباح وشريح وابن سيرين والنخعي وقتادة ومالك والليث والثوري وأبو حنيفة وسعيد بن عبد العزيز لا يصلي شيئا وقال أبو مجلز إن شاء صلي وإلا فلا * واحتجوا بحديث عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا خطب الامام فلا صلاة ولا كلام " واحتج أصحابنا بحديث جابر المذكور وهو صحيح كما سبق والجواب عن حديث ابن عمر من وجهين (أحدهما) أنه غريب (والثاني) لو صح لحمل على ما زاد على ركعتين جمعا بين الأحاديث * * قال المصنف رحمه الله * (ويجوز الكلام قبل أن يبتدئ بالخطبة لما رويناه من حديث ثعلبة بن أبي مالك ويجوز إذا جلس الامام بين الخطبتين وإذا نزل من المنبر قبل أن يدخل في الصلاة لما روى أنس قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " ينزل يوم الجمعة من المنبر فيقوم معه الرجل في الحاجة ثم ينتهى إلى مصلاه فيصلى " ولأنه ليس بحال صلاة ولا حال استماع فلم يمنع من الكلام وإذا بدأ بالخطبة انتصت لما روي أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من توضأ فأحسن الوضوء ثم انصت للامام يوم الجمعة حتى يفرغ من صلاته غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام " وهل يجب الانصات فيه قولان (أحدهما) يجب لما روى جابر قال " دخل ابن مسعود والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس إلى أبي فسأله عن شئ فلم يرد عليه فسكت حتى صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ما منعك أن ترد على فقال إنك لم تشهد معنا الجمعة قال ولم قال تكلمت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقام ابن مسعود ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له فقال صدق أبي " (والثاني) يستحب وهو الأصح لما روى أنس قال دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يوم الجمعة فقال متي الساعة فأشار الناس إليه أي اسكت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الثالثة ما أعددت لها قال حب الله ورسوله قال إنك مع من أحببت " فان رأى رجلا يقع في بئر ورأي عقربا تدب إليه لم يحرم عليه كلامه قولا واحدا لان الانذار يجب لحق الآدمي والانصات لحق الله تعالى
(٥٥٢)