في الحدث بنى على يقين الطهارة ولا يلزمه الوضوء سواء حصل الشك وهو في صلاة أو غيرها هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء * وحكي أصحابنا عن الحسن البصري انه ان شك وهو في صلاة فلا وضوء عليه وإن كان في غيرها لزمه الوضوء وحكي المتولي والرافعي وجها لأصحابنا مثله وعن مالك ثلاث روايات إحداها مثله والثانية يلزمه الوضوء بكل حال والثالثة يستحب * ودليل الجمهور ما ذكره المصنف مع قوله صلى الله عليه وسلم (لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) رواه البخاري ومسلم وسبق في أول الباب: قال أصحابنا وسواء في الشك استوى الاحتمالان عنده أو ترجح أحدهما (1) فالحكم سواء وقد قدمت بيان هذه القاعدة في باب الشك في نجاسة الماء: قال امام الحرمين اتفق الأصحاب على أن من تيقن الوضوء وغلب على ظنه الحدث فله الاخذ بالوضوء قال وقد ذكرنا قولين للشافعي رحمه الله في أن ما يغلب على الظن نجاسته هل يحكم بنجاسته قال وكان شيخي يقول الفرق بينهما ان الاجتهاد يتطرق إلى تمييز الطاهر من النجس لان للنجاسة امارات بخلاف الحدث والطهارة قال الامام وعندي في هذا فضل مباحثة فأقول تمييز الحيض من الاستحاضة والمني من غيره إنما هو بالصفات وهذا اجتهاد فاطلاق القول بان الاجتهاد لا يتطرق إلى الاحداث غير سديد: ثم ذكر الامام لنفسه فرقا بعبارة طويلة حاصله ان الأسباب التي تظن بها النجاسة كثيرة جدا وهي قليلة في الاحداث فلا مبالاة بالنادر منها فتعين التمسك بحكم اليقين: قال أصحابنا وإذا تيقن الطهارة وشك في الحدث استحب ان يتوضأ فان توضأ ودام الاشكال فوضوءه وصلاته صحيحان مجزيان وان بان كونه كان محدثا ففي اجزائه وجهان سبقا في آخر نية الوضوء: (المسألة الثالثة) إذا علم أنه جرى منه بعد طلوع الشمس طهارة وحدث لا يعلم أسبقهما ففيه أربعة أوجه: أحدها انه بضد ما كان قبل طلوع الشمس ودليله ما ذكره المصنف وهذا الوجه هو قول أبي العباس بن القاص ذكره في باب المسح على الخف من كتابه التلخيص وبه قطع المنصف هنا وفى التنبيه وهكذا قطع به جمهور المصنفين فعلى هذا لو لم يعرف ما كان قبلهما لزمه الوضوء صرح به الدارمي والمتولي وغيرهما لأنهما تعارضا وما قبلهما لا يعرف ولا بد من طهارة متيقنة أو مظنونة أو مستصحبة وليس هنا شئ فوجب الوضوء:
والوجه الثاني انه يتعارض الأمران ويسقطان ويكون حكمه ما كان قبلهما فإن كان قبل طلوع الشمس متطهرا فهو الآن متطهر والا فمحدث وهذا الوجه حكاه جماعات من الخراسانيين وحكاه الدارمي