(الثانية) إذا أراد الرجل الاستنجاء من البول مسح ذكره على ثلاثة مواضع (1) من الحجر طاهرة فلو مسحه ثلاثا على موضع واحد لم يجزئه وتعين الماء قال القاضي حسين ولو وضع رأس الذكر على جدار ومسحه من أسفل إلى أعلى لم يجزئه وان مسحه من أعلى إلى أسفل أجزأه وفى هذا التفصيل نظر: (الثالثة) إذا أراد الاستنجاء في الدبر بالماء استحب أن يعتمد على أصبعه الوسطى لأنه أمكن ذكره الماوردي وغيره ويستعمل من الماء ما يظن زوال النجاسة به: فان فعل ذلك ثم شم من يده رائحة النجاسة فوجهان حكاهما الماوردي وغيره: أحدهما يدل ذلك على بقاء النجاسة فتجب ازالتها بزيادة الغسل وعلى هذا يستحب شم الإصبع قال الماوردي وهذا مستبعد وإن كان مقولا:
والثاني لا يدل على بقاء النجاسة في محل الاستنجاء ويدل على بقائها في الإصبع فعلى هذا لا يستحب شم الإصبع: وهذان الوجهان مأخوذان من القولين فيما إذا غسلت النجاسة وبقيت رائحتها هل يحكم بطهارة المحل وقد ذكرهما المصنف في باب إزالة النجاسة وهناك نشرحهما ونبسط الكلام فيه إن شاء الله تعالى: قال الغزالي في الاحياء يدلك دبره مع الماء حتى لا يبقى أثر تدركه الكف بالمس قال ولا يستقصى فيه بالتعرض للباطن فان ذلك منبع الوسواس: قال وليعلم أن كل مالا يصل الماء إليه فهو باطن ولا يثبت للفضلات الباطنة حكم النجاسة حتى تبرز وما ظهر ثبت له حكم النجاسة: وحد ظهوره أن يصله الماء وقوله لا يثبت للفضلات الباطنة حكم النجاسة يحتمل أنه أراد في وجوب ازالتها ويحتمل أنها لا يحكم بكونها نجاسة مطلقا وفى المسألة خلاف سبق مبسوطا في أول باب ما ينقض الوضوء: (الرابعة) قال أصحابنا الرجل والمرأة والخنثى المشكل في استنجاء الدبر سواء وأما القبل فأمر الرجل فيه ظاهر وأما المرأة فنص الشافعي رحمه الله على أن البكر والثيب سواء فيجوز اقتصارهما على الحجر وبهذا قطع جماهير الأصحاب في الطريقتين وقطع الماوردي بان الثيب لا يجزئها الحجر حكاه المتولي والشاشي وصاحب البيان وجها وهو شاذ: والصواب الأول: قال الأصحاب لان موضع الثيابة والبكارة في أسفل الفرج والبول يخرج من ثقب في أعلى الفرج فلا تعلق لأحدهما بالآخر فاستوت البكر والثيب إلا أن الثيب إذا جلست انفرج أسفل فرجها فربما نزل البول إلى موضع الثيابة والبكارة وهو مدخل الذكر ومخرج الحيض والمني والولد فان تحققت نزول البول إليه وجب غسله بالماء وإن لم تتحقق استحب غسله ولا يجب: نص الشافعي على استحبابه إذا لم تتحقق واتفق الأصحاب عليه واتفقوا على وجوب غسله إذا تحققت نزوله قال صاحب البيان وغيره يستحب للبكر أن تدخل