يقولون الضحك في الصلاة ينقضها ولا ينقض الوضوء قال البيهقي وروينا نحوه عن عطاء والشعبي والزهري وحكاه أصحابنا عن مكحول ومالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور وداود * وقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة ينقض الوضوء وعن الأوزاعي روايتان وأجمعوا أن الضحك إذا لم يكن فيه قهقهة لا يبطل الوضوء وعلى أن القهقهة خارج الصلاة لا تنقض الوضوء * واحتج للقائلين بالنقض في الصلاة بما روى عن أبي العالية والحسن البصري ومعبد الجهني وإبراهيم النخعي والزهري أن رجلا أعمى جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فتردى في بئر فضحك طوائف من الصحابة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة وعن عمران بن الحصين عن النبي صلى الله عليه وسلم (الضحك في الصلاة قرقرة يبطل الصلاة والوضوء) ولأنها عبادة يبطلها الحدث فأبطلها الضحك كالصلاة * واحتج أصحابنا بحديث جابر المذكور في الكتاب وقد بيناه وبأن الضحك لو كان ناقضا لنقض في الصلاة وغيرها كالحدث ولأنها صلاة شرعية فلم ينقض الضحك فيها الوضوء كصلاة الجنازة فقد وافقوا عليها وذكر الأصحاب أقيسة كثيرة ومعاني والمعتمد أن الطهارة صحيحة ونواقض الوضوء محصورة فمن ادعى زيادة فليثبتها ولم يثبت في النقض بالضحك شئ أصلا: وأما ما نقلوه عن أبي العالية ورفقته وعن عمران وغير ذلك مما رووه فكلها ضعيفة واهية باتفاق أهل الحديث قالوا ولم يصح في هذه المسألة حديث وقد بين البيهقي وغيره وجوه ضعفها بيانا شافيا فلا حاجة إلى الإطالة بتفصيله مع الاتفاق على ضعفها وأما قياسهم فلا يصح لان الاحداث لا تثبت قياسا لأنها غير معقولة العلة كما سبق ولو صح لكان منتقضا بغسل الجنابة فإنه يبطله خروج المنى ولا يبطله الضحك في الصلاة بالاجماع قال ابن المنذر بعد أن ذكر اختلاف العلماء فيه وبقول من قال لا وضوء نقول لأنا لا نعلم لمن أوجب الوضوء حجة قال والقذف في الصلاة عند من خالفنا لا يوجب الوضوء فالضحك أولى والله أعلم (فرع) قدمنا في أول الباب أن الردة لانتقض الوضوء عندنا على الصحيح وبه قال جمهور العلماء وقال الأوزاعي واحمد وأبو ثور وأبو داود تنقض * واحتجوا بقوله تعالى (ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله) ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم (لا وضوء الا من صوت أو ريح) وهو حديث صحيح سبق بيانه أول الباب والجواب عن الآية الكريمة أن المراد بالاحباط من مات على الردة
(٦١)