فان اقتصر على نية الغسل لزمه الوضوء أيضا وقد ذكر المصنف أدلة الأوجه * الحال الثالث أن يجنب من غير حدث ثم يحدث فهل يؤثر الحدث فيه وجهان أحدهما لا يؤثر فيكون جنبا غير محدث حكاه الدارمي عن ابن القطان وحكاه الماوردي عن جمهور الأصحاب فعلى هذا يجزيه الغسل بلا وضوء قطعا والثاني يؤثر فيكون جنبا محدثا وتجرى فيه الأوجه الأربعة وبه قطع القاضي أبو الطيب والمحاملي وابن الصباغ والشيخ نصر في كتابيه الانتخاب والتهذيب والبغوي وآخرون وفيه وجه ثالث حكاه القاضي حسين أنه لا يدخل هنا الوضوء في الغسل قطعا بل لابد منهما وفرق بينه وبين ما إذا تقدم الحدث فان فيه الأوجه الأربعة بأن هناك وردت الجنابة على أضعف منها فرفعته وهنا عكسه فأشبه الحج والعمرة يدخل الأقوى على الأضعف ولا ينعكس على المذهب وهذا الوجه غلط وخيال عجيب: الأصح انه كتقدم الحدث فتجئ فيه الأوجه الأربعة وحيث أوجبنا الوضوء فقد ذكرنا أن يجوز تقديمه وتأخيره والأفضل تقديمه: وإذا قدمه فهل يقدم غسل الرجلين معه أم يؤخرهما فيه الخلاف السابق في أول الباب وكذا الكلام في نية هذا الوضوء تقدم في أول الباب وعلى الأوجه كلها لا يشرع وضوآن في جميع الأحوال بلا خلاف وقد نقل الرافعي وآخرون الاتفاق على أنه لا يشرع وضوآن ولعله مجمع عليه * ويحتج له بحديث عائشة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة قال الترمذي حديث حسن صحيح * وأما قول المصنف لأنهما حقان مختلفان فاحتراز من غسل الحيض والجنابة وقوله يجبان بسببين احتراز من الحج والعمرة وقوله مختلفين احتراز ممن زني وهو بكر فلم يحد حتى زني وهو محصن فإنه يقتصر على رجمه على أحد القولين وكذا المحرم إذا لبس ثم لبس في مجالس قبل أن يكفر عن الأول فإنه تجب كفارة واحدة في أحد القولين وقوله في تعليل الوجه الرابع عبادتان احتراز عن حقين لآدمي وقوله متجانسان احتراز من كفارة ظهار وكفارة يمين وقوله صغري وكبرى احتراز ممن دخل في الجمعة فخرج الوقت في أثائها فإنه يتمها ظهرا على المذهب ولا يلزمه تجديد نية الظهر ويحتمل أنه احترز عن الصبح والظهر فان إحداهما لا تدخل في الأخرى لا في الأفعال ولا في النية وقد يفرق بين مسألة الغسل ومسألة الحج
(١٩٥)