ثانيهما: قصد التقرب لله تعالى بالوضوء، بحيث يكون الداعي للوضوء هو التقرب. ولازم ذلك عدم وقوعه بوجه محرم إذا التفت المكلف إلى ذلك، وله صور:
الأولى: أن يكون الوضوء استعمالا لإناء الذهب أو الفضة لما يأتي في مبحث الأواني من حرمة استعمال الإناء المتخذ منهما.
الثانية: أن يلزم من الوضوء التصرف في المغصوب، إما لكون الماء أو إنائه مغصوبا، أو لكون المكان أو الفضاء الذي يقع فيه الوضوء مغصوبا، أو لزم جريان الماء في مكان أو طشت مغصوب أو كان ثوب المتوضئ مغصوبا بحيث يلزم من الوضوء تحركه والتصرف فيه أو غير ذلك.
الثالثة: أن يلزم من الوضوء الوقوع في ضرر يحرم إيقاع النفس فيه. وكذا لو وجب حفظ الماء لخوف عطش مضر بنفس محترمة يجب المحافظة عليها، إلى غير ذلك من صور وقوع الوضوء بوجه محرم، فإن الوضوء يبطل لامتناع قصد التقرب بما هو محرم.
نعم، لو غفل عن حرمة التصرف اللازم من الوضوء - ولو للتقصير في الفحص عن الحكم الشرعي - وتحقق منه قصد التقرب صح الوضوء. وهذا جار في جميع العبادات التي يعتبر فيها قصد التقرب، كما يأتي الإشارة إليه عند التعرض لكل منها إن شاء الله تعالى.
(مسألة 92): إذا كان قصد الوضوء مستلزما للعزم على فعل الحرام امتنع التقرب به بطل، كما لو توضأ في مكان مباح يلزم من إكمال الوضوء يفه الخروج من طريق مغصوب يحرم العبور فيه فشرع في الوضوء ملتفتا لذلك.
وهذا يجري في جميع العبادات.