فأما المدة فيكفي أن يقول: اكتريتك لتحفر لي بئرا يوما أو عشرة، وما يقدره لأن المعقود عليه يصير معلوما محددا بذلك المقدار، وإن قدر العمل فلا بد من مشاهدة الأرض التي يريد أن يحفر فيها لأنها تختلف في الرخاوة والصلابة، ولا بد من تقدير العرض والعمق فيقول: قدر عرضه كذا ذراعا وقدر عمقه كذا وكذا ذراعا، وتقدير ذلك بالذراع الذي هو معتاد بين الناس كما نقول في المكيال. فإذا استأجره على ذلك وأخذ يحفرها فأنهار عليه الجرف فحصل تراب الجرف في البئر فانطم بعضها كان على المستأجر اخراجه، ولا يجب على الأجير لأنه ملك المستأجر حصل في تلك الحفرة فهو بمنزلة ما لو وقع فيها طعام له أو دابة له أو تراب من موضع آخر، فإن وقع من تراب البئر فيها لزم الحفار اخراجه لأن ذلك مما تضمنه العقد لأنه استؤجر ليحفر ويخرج التراب، فإن استقبله حجر نظرت فإن أمكن حفره ونقبه لزمه وإن كان عليه مشقة فيه لأنه ألزم الحفر بالعقد ولزمه على اختلاف حاله وإن لم يمكن حفره ولا نقبه انفسخ العقد فيما بقي ولا ينفسخ فيما حفر، على الصحيح من الأقوال.
قال رحمه الله: وتقسط على أجرة المثل لأن الحفر يختلف فحفر ما قرب من الأرض أسهل لأنه يخرج التراب من قرب وحفر ما هو أبعد أصعب، قال رحمه الله: نظر فإن كان أجرة المثل على ما بقي عشرة وفيما حفر خمسة أخذ ثلث المسمى، قال رحمه الله: وقد روى أصحابنا في مثل هذا مقدرا ذكرناه في النهاية، قال رحمه الله: وعلى هذا إن نبع الماء قبل انتهاء الحد ولم يمكن الزيادة على الحفر فالحكم على ما ذكرنا في الحجر إذا استقبله ولم يمكن حفره، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه أوردناه حرفا فحرفا.
والذي يقوى في نفسي ما أورده في مبسوطه واختاره لأن الأدلة تقتضيه والأخبار والاعتبار والنظر السليم يقويه ولا يرجع في مثل هذا الموضع إلى أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا وقد ضعفه شيخنا ولم يلتفت عليه وجعله رواية ولذلك أورده في أبواب النوادر في نهايته ولم يورده غيره من أصحابنا المتقدمين عليه لا شيخنا المفيد ولا السيد المرتضى ولا أمثالهما رحمهم الله جميعا.
وروى حماد بن عيسى عن أبي عبد الله ع: أن أمير المؤمنين ع أتى بعبد لذمي قد أسلم، فقال: اذهبوا به فبيعوه من المسلمين وادفعوا ثمنه إلى صاحبه ولا تقروه عنده.