قال محمد بن إدريس: هذه رواية صحيحة تعضدها الأدلة وهو قوله تعالى: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا.
وروى حريز - بالحاء غير المعجمة والراء والزاء - عن أبي عبيدة زياد بن عيسى الحذاء قال: قلت لأبي جعفر وأبي عبد الله ع: رجل دفع إلى رجل ألف درهم يخلطها بماله ويتجر بها، قال: فلما طلبها منه قال: ذهب المال وكان لغيره معه مثلها ومال كثير لغير واحد، فقال: كيف صنع أولئك؟ فقال: أخذوا أموالهم، فقال أبو جعفر وأبو عبد الله ع جميعا: يرجع عليه بماله ويرجع هو على أولئك بما أخذوا.
قال محمد بن إدريس: هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته، ووجه الفقه والفتيا عندي على تسليم للخبر أن الأول دفع المال إليه فخلطه بغيره فلما خلطه بغيره فرط فيه بالخلط فضمنه، وأصحاب الأموال الباقية خلط أموالهم بإذنهم والأول خلط ماله في أموالهم بغير إذنه فيجب عليه الضمان للأول جميع ماله، فلما أخذ أصحاب الأموال الذين أذنوا في الخلط ورضوا به أموالهم على التمام والكمال فقد أخذوا ما لم يكن لهم بل الواجب تسليم مال من لم يأذن بالخلط على الكمال ويدخل النقصان والخسران على الباقين، فلما أخذوا المال رجع صاحب المال الذي لم يأذن بالخلط على المضارب المفرط بالخلط بجميع ماله ورجع المضارب على من أخذ المال بقدر ما غرم، وقوله في الخبر: يخلطها بماله ويتجر بها، المعنى فيه خلطها بماله واتجر بها وإن كان أتى به بلفظ الاستقبال فقد يأتي المستقبل بمعنى الماضي والماضي بمعنى المستقبل وهذا كثير في كلام العرب والقرآن، قال الله تعالى: ونادى أصحاب الأعراف، معناه وينادي، وقال الشاعر:
وانضخ جوانب قبره بدمائها فلقد يكون أخادم وذبائح معناه فلقد كان بغير شك، فهذا فقه الحديث.
محمد بن إسماعيل عن جعفر بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن ع:
جعلت فداك المرأة تموت فيدعي أبوها أنه أعارها بعض ما كان عندها من متاع وخدم أتقبل دعواه بلا بينة أم لا تقبل دعواه إلا ببينة؟ فكتب إليه: يجوز بلا بينة.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: أول ما أقول في هذا الحديث أنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا وفيه ما يضعفه، وهو أن الكاتب الراوي للحديث ما سمع