أنه يسترق منه مولى أبيه بقدر ما بقي على أبيه، فإن أدى الابن ما كان قد بقي على أبيه صار حرا لا سبيل لمولاه عليه، فإن لم يكن له مال استسعاه مولى الأب فيما بقي على أبيه فمتى أداه صار حرا، وهذا المكاتب إذا أدى بعض مكاتبته يرث ويورث بحساب ما عتق منه ويمنع الميراث بقدر ما بقي من الرق وكذلك إن وصى له كانت الوصية ماضية له بقدر ما عتق ويحرم بقدر ما بقي من رقه.
وكل شرط يشترطه المولى على مكاتبه فإنه يكون ماضيا ما لم يكن شرطا يخالف الكتاب والسنة كما أن له جميع ما يشترط عليه إذا أعتقه، فإن شرط عليه أن يكون ولاؤه له كان له الولاء دون غيره ولا يكون له الولاء بمجرد الكتابة إلا بالشرط.
ومتى تزوجت المكاتبة بغير إذن مولاها كان نكاحها باطلا، وإن كان ذلك بإذن مولاها وقد أدت بعض مكاتبتها ورزقت أولادا كان حكم ولدها حكمها يسترق منهم بحساب ما بقي من ثمنها ويعتق بحساب ما أعتق إذا كان تزويجها بعبد مملوك، فإن كان تزويجها بحر كان الولد أحرارا.
وإذا قال المكاتب لمولاه: خذ مني جميع ما كاتبتني عليه دفعة واحدة، كان مخيرا بين أخذه منه في موضع والامتناع منه ولا يقبل منه إلا على ما وافقه من النجوم.
وإذا كان المكاتب غير مشروط عليه وعجز عن توفية ثمنه، فإن كان مولاه ممن كان عليه زكاة واجبة فإنه يجب عليه أن يعطيه شيئا من ذلك قل أم كثر لقوله تعالى: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم، وإن لم يكن ممن تجب عليه زكاة فلا يجب عليه الإيتاء المذكور في الآية، لأنه لا مال لله تعالى واجب عليه، وكان على الإمام أن يفك رقبته من سهم الرقاب.
والمكاتب إذا كان غير مشروط عليه لم يكن على مولاه فطرته، وإن كان مشروطا عليه وجب على مولاه فطرته، ولا يجوز مكاتبة الكافر لقوله تعالى: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا، وحمل ذلك على الإيمان والدين أولى من حمله على المال والتكسب لأنه لا يقال للكافر وإن كان موسرا أو مكتسبا: أن فيه خيرا ولا أنه خير، ويقال ذلك لمن كان فيه إيمان